جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني _ وجهة نظر للحوار

 غازي الصوراني _ وجهة نظر للحوار............

.......
على الرغم من انحيازي المعرفي –بالمعنى الموضوعي- لتحليل الفيلسوف كارل ماركس للأنماط أو التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية للبشرية في كوكبنا ، بدءاً من النمط المشاعي ثم العبودي والاقطاعي وصولاً إلى النمط الرأسمالي ثم الاشتراكي، إلا أنني أرى أن هذه السلسلة من انماط التطور التي تنطبق على المجتمعات الأوروبية بحكم طبيعة تطورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والخصوصيات المشتركة فيما بينها، إلا أنها بالتأكيد لا تنطبق على مجتمعات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية عموماً ، ومجتمعاتنا العربية خصوصاً.
فالتطور الاجتماعي الاقتصادي في المجتمعات العربية يختلف في شكله وجوهره عن تلك التشكيلات التي تناولها كارل ماركس في إطار المادية التاريخية، حيث لم تشهد مجتمعاتنا نمطاً عبودياً، بمعنى استخدام العبيد في العملية الانتاجية ، وكذلك الأمر لم تشهد نمطاً اقطاعياً على شاكلة النمط الاقطاعي الذي عرفته أوروبا، بل كان أقرب إلى النمط الريعي أو النمط الأسيوي للإنتاج ، حيث انحصرت العلاقات الانتاجية والاجتماعية في كلا النمطين لنوع من المركزية الشديدة التي سادت في التاريخ القديم (ق.م.) في مصر والعراق، ثم امتدت وتواصلت في الدولة والدويلات الإسلامية عبر تكريس مظاهر التفرد والاستبداد التي نلاحظ آثارها ومفاعليها المتراكمة في كافة الأنظمة العربية في التاريخ الحديث والمعاصر مع اختلاف اشكال الاستبداد والقهر، حيث نلاحظ أن الصراع الطبقي في بلادنا ليس صراعا حصريا بين البروليتاريا والبورجوازية كما هو في البلدان الصناعية ، بل هو صراع تختلط فيه العوامل الاقتصادية مع العوامل الدينية ضمن تطور اجتماعي مشوه تختلط فيه الانماط الطبقية القديمة والحديثة والمعاصرة (النمط القبائلي وشبه الاقطاعي والرأسمالي التابع والكومبرادوري).
لذلك نجد العديد من الباحثين يتحدثون عن "الاقطاع الشرقي" والنموذج الآسيوي ، والاقطاع القبلي ، والاقطاع العسكري والمجتمع المحكوم بالعلاقات الرأسمالية المشوهه .. والمجتمع المتعدد الانماط ...الخ. وهنا أستلهم تحليل المفكر العربي عالم الاجتماع العراقي علي الوردي.
و اليوم ونحن في مطلع الألفية الثالثة، تتعرض مجتمعاتنا العربية، من جديد، لمرحلة انتقالية لم تتحدد أهدافها النهائية بعد، على الرغم من مظاهر الهيمنة الواسعة للشرائح والفئات الرأسمالية العليا، (أو الأوجراء حسب السؤال) بكل أشكالها التقليدية والحديثة، التجارية والصناعية والزراعية، والكومبرادورية والبيروقراطية الطفيلية، التي باتت تستحوذ على النظام السياسي، وتكيفه حسب مصالحها ومصالح الحكام في البلدان العربية ، بما ادى إلى إعاقة أيَّ تحول ديمقراطي حقيقي في مجتمعاتنا التي اندمجت أو تم إلحاقها بصورة ذيلية تابعة للنظام الرأسمالي المعولم من جهة، من ثم تكريس مظاهر التبعية والتخلف والاستبداد الأبوي والطائفي على الصعيد المجتمعي بأشكاله المتنوعة من جهة أخرى، من خلال التكيف والتفاعل بين النمط شبه الرأسمالي الذي تطور عبر عملية الانفتاح والخصخصة خلال العقود الثلاثة الماضية، وبين النمط القبلي /العائلي، شبه الإقطاعي، الريعي، الذي ما زال سائداً برواسبه وأدواته الحاكمة أو رموزه الاجتماعية ذات الطابع التراثي التقليدي الموروث، ما يعني بكل وضوح أن كافة الرموز والشرائح الطبقية السائدة في مجتمعاتنا العربية، تختلف جذرياً عن الشرائح الطبقية السائدة في المجتمعات الرأسمالية، لكنها بالمقابل تتفق أو تتقاطع مع مثيلاتها في أوساط الشعوب المتخلفة والتابعة في البلدان الفقيرة في آسيا وأفريقيا من حيث تبريرها وتمريرها لبروباجندات الحكام الدينية والسياسية والثقافية انعكاساً للمصالح الاقتصادية المشتركة بين الشرائح البورجوازية العليا عموماً والشرائح الكومبرادورية والطفيلية خصوصاً.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *