جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني _ عن المفكرالقومي الماركسي السوري الراحل ياسين الحافظ......

 غازي الصوراني _ عن المفكرالقومي الماركسي السوري الراحل ياسين الحافظ......

أمسك المفكر القومي الماركسي الراحل ياسين الحافظ بمفهوم التأخر التاريخي للمجتمع العربي، الذي يتجلى سياسيا بغياب الرأي العام وبكونه صاغرا وعزوفا، ويتجلى اقتصاديا بكون الاقتصاد العربي مندلقا نحو الخارج وتابعا، ويتجلى اجتماعيا بسيطرة بنى اجتماعية ما قبل قومية (طائفية، عشائرية، عائلية، محلية..)، ويتجلى فكريا بسيطرة فكر تقليدي تمتد جذوره إلى العصر الوسيط. لذلك فهو ينتقل من نقد "السطح السياسي" إلى نقد "العمق الاجتماعي" الذي يصوغ الحيز السياسي ويفرزه" ، وعلى أساس هذا الوعي فـ"القومية هي الحركة التاريخية التي ترفع سديما بشريا إلى كتلة متجانسة، متلاحمة، مندمجة، تستحق اسم الامة".
لقد انتقد ياسين الحافظ الايديولوجيا المهزومة "التقليدوية الجديدة" التي توهمت إمكانية دخول العصر بِتَجَنُّب الثورة القومية الديمقراطية أو "المنظور النهضوي" ، والقفز إلى تبني "المنظور التنموي"، فقال: "ما من شعب حقق تقدما اقتصاديا دون أن يكون قد حقق تقدما مجتمعيا وثقافيا وسياسيا" .
كما كان الحافظ رائدا في التقاط عوامل هزيمة المشروع القومي العربي، حين استعاد الإشكالية المركزية للنهضة عبر سؤال "التأخر"، باعتباره ليس تخلفا اقتصاديا يمكن تجاوزه عبر التنمية، وليس مسألة فقدان أصالة الذات التاريخية التي زُلْزِلَت موضوعياً أمام التوسع الكولونيالي ، بل المسألة تكمن في التأخر كفوات حضاري يشمل كل بنى المجتمع العربي ، حيث اعتبر الحافظ التأخر هو المسألة المركزية في الواقع العربي المعاصر، لذلك انتقد الأحزاب الشيوعية ومنظروها الذين توهموا بإمكانية دخول العصر و"تجنب الثورة القومية الديمقراطية التي دشنت العصر الحديث من خلال قلبها وتصفيتها المجتمع التقليدي القديم، وعبر هذه التصفية أمكنها أن ترسي بنى المجتمع الحديث المجتمعية والأيديولوجية والسياسية وإطلاق قواه الإنتاجية" .
في هذا السياق أكد المفكر ياسين الحافظ على مفهوم الوعي المطابق، أي تملك السياسات العربية للوعي المناسب لحاجات تقدم الأمة العربية وتحررها ووحدتها، وهو وعي لا يمكن أن يتكون إلا على أرضية الحقيقة الواقعية، وليس الحقيقة التي تنطوي عليها النصوص في اكتمالها المنهجي الداخلي الذاتي. وهو ذو ثلاثة مستويات: أولها، هو وعي كوني. وثانيها، هو وعي حديث. وثالثها، هو وعي تاريخي .
والواقع -كما يقول ياسين الحافظ- "أن الليبرالية والاشتراكية ، على ما بينهما من تكامل وتناقض، وبخاصة الماركسية، ماركسية ماركس، هما الايديولوجيتان الحديثتان اللتان تقدمان مناهج وأدوات وقيم تسهل امتلاك الوعي الكوني المنشود". وحينئذ لا بد من الارتقاء من الواقع الأقوامي المفتت إلى واقع الأمة الذي يحقق الاندماج القومي، وينتج وعياً مواطنياً جديداً يستجيب لصورة الأمة/ الدولة الحديثة، في صيغة وعي قومي – عقلاني- ديمقراطي – علماني- حديث" ، فلا يمكن امتلاك وعي مطابق بدون امتلاك الحداثة ، وتطبيق مفاهيمها وأسسها حول المواطنة والحرية والديمقراطية والعلمانية والعدالة ، حيث لا يمكن الامتداد مكانياً في العصر دون الامتداد زمنياً في امتلاك وعي العصر ضمن دولة الأمة أو الدولة القومية ، بما يحقق مضامين الحداثه القادرة على التمفصل في بنية المجتمع العربي للاستجابة إلى حاجات تقدمه، عبر استلهام وتطبيق مبادئ عصر الأنوار، والثورة الفرنسية ، والمجتمع الصناعي ، والحركة الاشتراكية .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *