الشباب والعمل السياسي. يوسف احا.
الشباب والعمل السياسي.
يوسف احا.
مقدمة:
معلوم ان الشباب هو رافعة لكل المجتمعات وضمان توازنها واستمرارها استنادا لعديد من الدراسات في علم الاجتماع السياسي، وما يوضح هذا ان الشباب في العالم المغاربي يشكل ثلثي الساكنة بالمنطقة حيث يواجه كل اشكال الحيف و التمييز وحتى الاستغلال من خلال السياسات التعليمية الممنهجة والهدر المدرسي اضافة لاتساع رقعة البطالة يوما عن يوم في صفوف الشباب مما ينعكس سلبا على اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ومنها النفسية مما يجعلهم ورقة بيضاء تكتب فيها جميع التمظهرات التي تعكس المجتمعات الطبقية منذ ظهورها خاصة في البلدان التبعية والتي تشهد هزات بين الفينة والاخرى جراء الاحتقان المشتعل بوقود رفض الواقع المؤلم والمستقبل الاسود الذي ينتظر خيرة شباب الشعوب المكتوية بنيران القهر والفساد والاستبداد.
و في المغرب ثلاث انواع اساسية من الشباب المنحدر اساسا من الطبقات الشعبية لانها هي اكثر توسعا وانتشارا:
-شباب ممكن الاصطلاح عليه"مسيس"ا بمختلف التوجهات ولنا عودة للتفاصيل،
ونوع ثان :
-شباب متبن لافكار التطرف الديني ويرفض كل اشكال الحوار والتسامح ونسبته في تراجع مرتبطة اساسا بالاوضاع العالمية وتراجع الفكر الوهابي المدمر ،
والنوع الثالث:
- مستلب عبر طاحونة الالة الايديولوجية للبورجوازية والمخزن.
*علاقة الشباب بالعمل السياسي في المغرب:
ظهر العمل او بالاحرى النشاط السياسي عند الشباب المغربي مند الاستعمار الامبريالي الفرنسي من خلال المقاومة داخل الحركة الوطنية وجيش التحرير قبل تصفيتهما،ومع توالي الانتكاسات في بيت ماتسمى بالاحزاب الوطنية والتسريع نحو التطبيع مع النظام بعد الاستقلال الشكلي بدأ الشباب يتموقع في معارضة مخططات التصفية التي يقودها انذاك المخزن ،وذلك من خلال بركان انتفاضة 1965 المجيدة وشكل الشباب قلبها النابض لتستمر حالات التصادمات طيلة "سنوات الجمر والرصاص" خصوصا في بدايةسبعينيات القرن الماضي مع نشأة الحركة الماركسية اللينينية المشكلة من خزان شبابي منتفض في وجه انهزامية احزابها والقطع معها.
ورغم حملات الاعتقالات والسجون الا ان المناضلين/ت المقتنعين بشمس الحرية والتغيير واصلوا/ن درب الطريق الثوري لتندلع فيما بعد عدة انتفاضات مجيدةاهمها انتفاضة 1982 و1984 لتنطلق من جديد حملة اعتقالات ومداهمات ومطاردات للشباب الماركسي اللينيني وترعيب اهالهم و محاكمات المئات منهم في ريعان شبابهم وعطاءهم النضالي ووعيهم بخطورة الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر منها البلاد ومايحاك ضد الشعب المغربي من نهب خيراته دون اي ذنب مقترف.
لتأتي فيما بعد 2011 اللحظة الثورية الشبابية التي هزت اعتى ديكتاتوريات المنطقة المغاربية والعربية لترخي بضلالها على المغرب في شروط التراجعات عن المكتسبات التاريخية للشعب المغربي لتفتح الباب للشباب للحق في حلم التغيير الجذري الذي سيكتب له ان لايكتمل نظرا لعديد من الدوافع متداخلة فيما بينها،ولعل المقاطعة العارمة خاصة في صفوف فئة الشباب لدستور2011 وحتى الانتخابات لنفس السنة هي بداية وعي بترجمة المشاركة السياسية للشباب ستتمثل مستقبلا بعدم الثقة في النظام السياسي ومايلتف حوله رغم نجاحه في اخماد لهيب نار حركة 20فبراير ليتم دق اخر مسمار في نعش الاحزاب السياسية الملتفة حول المخزن ابتداءا من سنة 2017 مع الحراكات الشعبية العارمة عامة وحراك الريف على وجه الخصوص.
من الملاحظ ان جميع مطالب الشباب سواء على مستوى الحراكات او اطارتها الدفاعية الذاتية تبقى مطالب اجتماعية اقتصادية ذات طابع سياسي موجه للكتلة الطبقية السائدة والمنخرطين فيها يتملكون وعيا سياسيا وطبقيا تنقصه فقط الاستمرارية وطول النفس مع هيمنة الحساسية المفرطة من القوى المناضلة والجادة.
بالمقابل يبقى رهان الدولة على مشاركة الشباب في الحياة السياسية من خلال مسألتين وفقط،اما بالمشاركة في الانتخابات وهذا رهان خاسر من الوهلة الاولى فنسبة مشاركة المغاربة تكون دائما ضعيفة باحتساب من لهم الحق في التصويت وليس كما تعتمد الدولة في احصائيتها وتبقى نسبة الشباب جد ضعيفة،او عن طريق انخراطهم في الاحزاب المتحكم فيها مسبقا وفي برامجها للجم عطاءات الشباب عبر توهيمهم بالاستقرار....عن طريق الريع وهذا كذلك رهان لاجدوى منه لان الاحزاب السياسية المخزنية لا برامج واقعية لها وسط تطلعات الشباب والشابات.
من هنا يمكن استنتاج ان الشباب يفضل منزلة من منزلتين ويعبر في كلتاهما عن موقعه الطبقي وبصورة مكتملة الاجزاء،اولهما مناهضة سياسات المخزن في كل مواقع التواجد وبكل الاليات والسبل وهذا بحد ذاته عمل ووعي سياسي (التنسيقيات حسب الفئات،الاتحاد الوطني لطلبة المغرب،المعطلين.....)،وثانيا الاقل درجة رغم اهميتها الالتحاق بالتنظيمات السياسية المناضلة الجادة القابضة على الجمر و تبعد بمسافات الكيلومترات عن توجهات المخزن.
امام كل هذا وجب الآن طرح سؤال اكثر اهمية،أية سبل للدفع بالشباب المغربي الانخراط في العمل السياسي الجاد؟.
بعد الاطلاع على الدور الريادي للشباب في تطور الصراع الطبقي بالبلاد فمن الواجب على كل مهتم بالقضية المتعلقة بتغيير البنى الحالية على جميع المستويات ايجاد اجوبة علمية وملموسة للتقدم في جعل الشباب قاطرة لربط الماضي الكفاحي للشعب المغربي وراهنه المتشبت بحتمية التغيير الذي يرفرف في اعلى قمة من سماء التراجعات عن المكتسبات التي ضحى من اجلها خيرة ما انجبته ساحات النضال والمقاومة.
من هنا ولابد التطرق لبعض الافكار للاحاطة الفعلية بما يتطلب من تفكير حول معضلة عزوف الشباب برمته عن النشاط السياسي الجاد لذا نحاول التطرق لمداخيل سنعرضها :
ان النضال الى جانب الشباب حتى انتزاع المكتسبات والحقوق سيساهم استرجاع الثقة في النضال الحقيقي ولابديل عنه لاجل الحرية والعدالة والعيش الكريم عبر الارتباط بهمومهم المادية والمعنوية وجعلها من اهتمامات كل الحاملين لقضايا الجماهير الشعبيية برمتها،كما ان دحض الدعاية البورجوازية الهادفة لاستبعاد الشباب عن النضال السياسي الواعي والمنظم،قس على ذلك الانفتاح على المجالات ذات طابع شبابي كالمسرح والثقافة والترفيه والرياضة اعتبارها رافعة لمواجهة كل اشكل التخلف ونبذ الحوار البناء.
ففضح مناورات المخزن التي تستهدف مصالح الشباب والوقوف الى جانبهم في كل محنهم من خلال الدفاع عن التعليم والتشغيل لكل ابناء الشعب المغربي من الاساسيات الكبرى للرفع من الوعي لدى الشباب مع رد الاعتبار للنضال السياسي عبر خلق اطر شابة وجعلها نموذجا حيا لكل الشباب قصد محاربة خطاب التيئيس والانتظارية،ثم التمييز في الخطاب والممارسة بين ماهو قائم ومبني على تكسير الامل وبين ماهو نضالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق