جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

رسالتي إلى ولدي عمر لليوم 144 من السنة الثالثة من الاعتقال التعسفي.

 19/12/2022

رسالتي إلى ولدي عمر لليوم 144 من السنة الثالثة من الاعتقال التعسفي.
مزيداً من الصمود ياولدي.
قمنا اليوم بزيارة ولدنا عمر بسجن تيفلت 2.
حكينا له ما أسعده وحكى لنا ما أحزننا.
حكينا له عن سفرنا لفرنسا بدعوة من منظمة "مراسلون بلا حدود" RSF لحضور حفل الدورة الثلاثين لجائزة المنظمة لحرية الصحافة.
- جائزة l’indépendance الاستقلالية التي حازها الصحافي الاستقصائي المغربي عمر الراضي.
- جائزة الشجاعة le courage التي نالتها الإيرانية "نرجس المحمدي.
- وجائزة l’impact التي نالها الصحافيان الأوكرانيان Mstyslav Tchernov و Yevhen Maloletka.
حكينا له عن هذا الحدث الذي كان كبيراً بكل المقاييس وحضره أكثر من 600 من مناضلات ومناضلي حقوق الانسان من مختلف المنظمات الحقوقية الأممية.
حكينا عن تنظيم ليلة تضامنية من طرف سبع جمعيات حقوقية ونقابية لمغاربة فرنسا عبروا عن تضامنهم واعتزازهم بتتويجك بهذه الجائزة الدولية الرفيعة.
عشنا خلال هذه الزيارة في أحضان دافئة يغمرها الحب والسلام رغم الجو البارد في هذا الفصل.
كان عمر ناراً على علم تسبقه سمعته ونبوغه وما تركه من تأثير وتقدير من طرف أكبر المنظمات الحقوقية وشهاداتهم في حقه
أن يأتي أكاديميون مغاربة من خارج فرنسا لهذا الحدث لأنك ضمن المتوجين، فهذا هو الشرف والاعتراف وقمة التتويج.
تسلمنا عدة خواطر مكتوبة و كتباً من عدد من المتضامنين و المتضامنات وحملونا تبليغها لك.
وحكيتَ لنا أيها المتوج عالمياً والمظلوم في وطنك ظلمَك في ظلام السجن .
سأحكي ما حكيته بكل أمانة.
عندما قرر المعتقلون السياسيون ،النقيب محمد زيان وتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني و عمر الراضي ونور الدين العواج ورضى بنعتمان ومحمد باعسو، خوض إضراب رمزي عن الطعام إحياءً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قام عمر بالإجراء المعهود بإشعار مدير المؤسسة السجنية في جو ودي وعادي ولم يشكل هذا الإشعار أي إحراج للإدارة، مادام الأمر لا علاقة له بإدارة السجن.
وبعد مدة جاء رئيس المعقل الذي يبدو أنه يصفي حساباً له مع عمر، إلى زنزانته وأخد يجمع أكله بعنف وبفوضى قبل أن يتناول عمر شيئاً.
فعوض أن يُضرب عمر عن الطعام يوماً واحداً (عاشر دجنبر) فُرضَ عليه أن يصوم يومي تاسع وعاشر دجنبر ظلماً وعدواناً.
وعندما أعادوا له ما أخذوه من أكل بعد يومين كان ملوثاً بعدة حشرات استووطنت زنزانته وحرمته تلأكل والنوم .
أثناء هجوم ذاكَ رئيس المعقل طالب عمر بحضور مدير المؤسسة الذي كان بالجوار، فصاح المدير في وجه عمر "
انتا تاتقلب على الزحام".
قال عمر إنه شعر باستهدافه عنوةً وشرح لنا معنى هذه الجملة.
عمر الراضي هو من يحدث بشأنه " الزحام " وطنياً ودولياً لمن لا يدرك.
قال لنا إن إدارة السجن تتسامح معه وتعامله ب "امتياز"لكونها تسمح له ببعض حقوقه البسيطة، وبدأ يشرح لنا ما تظنه إدارة السجن امتيازاً.
كل ما تعتبره إدارة السجن امتيازاً لعمر يتمتع به كل السجناء، فكيف يصبح امتيازاً في حالة عمر؟
- عمر ممنوع من متابعة دراسته الجامعية.
- عمر ممنوع من الكتابة، ودخل في إضراب عن الكتابة عندما طالبه المدير بعدم الكتابة عن السياسة وأنه سيطلع على كل ما يكتبه.
- عمر لا تصله رسائل الأصدقاء باستثناء بعض البطائق القليلة.
- عمر لا يكلمنا إلا ثلاث مرات في الاسبوع ولمدة لا تتجاوز 15 دقيقة، في حين يستفيد السجناء من وقت مفتوح طيلة اليوم لمهاتفة ذويهم.
- عمر فُرِض عليه أن لا يكلم أحداً غيرنا أثناء مهاتفتنا وإلا سيتم قطع المكالمة حسب آخر تحذير له هذا الأسبوع. في نفس الوقت يسمح لباقي السجناء بالمهاتفة طيلة اليوم وأن يكلموا من شاؤوا و متى شاؤوا.
- لا نزور عمر إلا مرتين في الشهر ولمدة أقل من ساعة تتقلص كلما غضب المسؤولون.
لا نريد أن نعدد الحقوق التي يتمتع بها ولدنا عمر، سنكتفي بهذا الجرد.
اكتشفنا أن عمر كان يخفي علينا ما يعيشه خوفاً علينا وعلى والدته بالخصوص، فما أقواه ولدي.
كنا نضطر لتصديقه.
نحن نُدرك أن قضية عمر قضية سياسية وأن مندوبية السجون لا حق لها في أخذ موقف من عمر وعليها أن تعامله كما جميع المعتقلين.
من يعتقل عمر بِنْيَةٌ مخزنية عميقة تمد جذورها في أعماق تربة المغرب وتُعرقل انتقال المغرب إلى دولة وطنية ديمقراطية تغتال أحلام المغاربة وتختطف أبناءهم وتنفيهم في السجون ،لا تحكمها الحكومات ولا تحدها أحكام الدستور.
ولدنا عمر في أخطر المواقع ولا نعتبره معتقلاً وإنما مختطف لكون محاكمته لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة.
بعد هذه الزيارة تحطمت فرحتنا بتتويجه و ضاع أملنا في انفراج سياسي قريب وزاد خوفنا على ابننا عمر من الانتقام ،
ولدنا يحتفل به العالم ويتوجه وفي وطنه يتم الاعتداء عليه بالتشهير من طرف رموز الفساد الإعلامي ويتم سجنه من طرف مؤسسات الدولة في غياب تام لأدنى ضمانات المحاكمة العادلة.
نحن هنا ومن أجل ولدنا وبلدنا لن تثنينا نزوات الانتقام.
عيب وعيب العيب ما نعيشه.
ما أقواك يا ولدي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *