جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

في الذكرى 37 لاستشهاد المناضل الثوري جبيهة رحال

 في الذكرى 37 لاستشهاد المناضل الثوري جبيهة رحال

من هو الشهيد جبيهة رحال؟
ولد جبيهة رحال سنة 1948 بقلعة السراغنة (مدينة توجد على بعد 84 كلم من مدينة مراكش)، وبها تلقى تعليمه الابتدائي، ثم انتقل إلى سيدي رحال ليتابع دراسته بالإعدادي، وفي مدينة الدار البيضاء التحق بشعبة "الميكانيك العام" بثانوية "جابر ابن حيان.
أعتقل رحال لأول مرة لمدة 15 يوما إثر أحداث انتفاضة 23 مارس 1965، وكانت المرة الثانية سنة 1968 إثر إضرابات التلاميذ.
و بعد حصوله على دبلوم تقني، التحق سنة 1970 بمعمل "كارنو"،" ( معمل لصنع المعلبات بالدار البيضاء) حيث انخرط في النضال العمالي في إطار نقابة "الإتحاد المغربي للشغل «،انخرط رحال مباشرة بعد ذلك في النضال العمالي حيث نسج علاقات واسعة مع العمال, وفي سنة 1973 سيتعرض لمحاولة اعتقال بمعمل "كارنو" في إطار حملة من الاعتقالات مست مناضلي الحركة الماركسية- اللينينية بالمغرب و خاصة مناضلي النقابة الوطنية للتلاميذ ,و قد تعرض العديد من مسؤولي النقابة الوطنية للتلاميذ للاعتقال و استطاعت الأجهزة القمعية أن تقتحم المقر المركزي السري للنقابة الوطنية, و كان هذا المقر مكترى باسم الرفيق جبيهة رحال.
وفي سنة 1972 التحق اجبيهة بمنظمة "23 مارس " ومن داخلها سيتحمل العديد من المسؤوليات التنظيمية والنضالية، جسد من خلالها ارتباطه الوثيق بالطبقة العاملة واستماتته في الدفاع عن مصالحها، فاستطاع أن ينسج روابط متينة مع رفاقه العمال.
سيتعرض لاعتقال جديد في بداية نونبر 1974إثر الحملة القمعية الكبيرة التي شنها النظام ضد الحركة الماركسية – اللينينية المغربية حيث زج به إلى جانب رفاقه في درب مولاي الشريف وهو معتقل سري للنظام بالدار البيضاء، ويعد من بقايا الإرث الاستعماري بالمغرب حيث سبق للسلطات الاستعمارية أن عذبت فيه مناضلي الحركة الوطنية وخاصة مناضلي المقاومة المسلحة. وقضى الشهيد بهذا المعتقل فترة طوية تمتد من بداية نونبر 1974 إلى 16 يناير 1976 (أزيد من سنة) حيث تعرض لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي مكبل اليدين معصب العينين.
وفي يوم 16 يناير 1976 نقل اجبيهة إلى السجن المدني بالدار البيضاء المعروف بسجن غبيلة ضمن مجموعة 26 ليقدم إلى محاكمة الدار البيضاء الشهيرة في 3 يناير1977 بتهمة «محاولة قلب النظام.
وقد صدر الحكم في حقه ب 30 سنة مع إضافة سنتين وذلك على الساعة الثالثة صباحا من يوم 14 فبراير 1977
- جبيهة رحال المعتقل في سجون النظام
خلال فترة اعتقاله بالمعتقل السري السيئ الذكر " درب مولاي الشريف" بالدار البيضاء ورغم ظروف الاعتقال القاسية والوحشية الحاطة بالكرامة الإنسانية، ظل المناضل جبيهة رحال كعادته شامخا، متقد الفكر، ثاقب النظر وهي صفات الصقر الأساسية. كان جريئا في طرح كل الأسئلة التي يجب طرحها، وبطبيعة الحال كان أهم سؤال لديه في تلك الفترة، هو لماذا سقطت منظمة 23 مارس وبتلك السرعة؟، ولماذا لم تتحمل قيادتها مسؤولية الحفاظ عليها؟
كان همه الأساسي الوصول إلى الحقيقة، فالحقيقة كما كان يقول آنذاك دائما ثورية. ومن خلال النقاشات الثنائية داخل الدرب (وهذه شهادة للكاتب الذي قاسمه نفس الغرفة بالدرب)، بدأت تتبلور لدى الجبيهة نواة فكرية وسياسية تعيد النظر في الخط السياسي الذي ساد داخل منظمة 23 مارس.
كان اجبيهة متميزا في علاقته بمحمد الكرفاتي (الملقب ب الشريف وحميد، عن طريق محمد الكرفاتي توصل البوليس إلى معرفة كل أعضاء قيادة 23 مارس) أحد قيادات 23 مارس بحيث لم يكن يترك أية فرصة تمر دون فضحه وتعرية حقيقته أمام المعتقلين. كان يومها يحمل سخطا كبيرا على الرجل الذي دشنت به الاعتقالات. (اعتقل محمد الكرفاتي في بداية نونبر 1974 على إثر حاجز أمني كان منصوبا ضمن حواجز كثيرة بمناسبة انعقاد أحد المؤتمرات الدولية بالدار البيضاء).
خلال فترة المعتقل السري اطلع المناضل جبيهة على جوانب من خط وتجربة منظمة " إلى الأمام"، وبحدسه أدرك جيدا أن لا مستقبل للحركة الماركسية – اللينينية بدون وحدة المنظمتين ضمن خط ماركسي – لينيني ثوري.وفي سجن غبيلة بالدار البيضاء، الذي حل به في يوم 16 يناير 1976، ستتبلور لديه رؤية وحدوية تنبذ كل شكل من أشكال الحلقية وتتحلى بروح وحدوية عملية وحماسية.
هكذا، وفي سجن غبيلة، جسد الشهيد تلك القناعات بروح العامل الثوري التواق إلى الممارسة، والابتعاد عن السفسطائية، والقول بكل ما يجب قوله بدون مواربة وبروح نضالية عالية.
عندما وصل المعتقلون إلى سجن غبيلة في يناير 76، وفي إطار إيجاد صيغ للتواصل بينهم (وزعت إدارة السجن المعتقلين على شكل مجموعات صغيرة، وضعت كل واحدة منها في زنزانة وحرست على أن تظل معزولة عن بعضها) أطلقوا اسما على كل زنزانة (زنزانة إفريقيا، زنزانة أمريكا، الشمال، آسيا...). أقام اجبيهة في زنزانة افريقيا وكانت تضم كلا من فؤاد الهيلالي ومحمد حسان وادريس ولد القابلة والراحل عبد السلام المودن وعبد العالي بن شقرون ومحمد الزكريتي.
خلال فترة العزلة تميز اجبيهة بروح عالية من الإقدام والشجاعة والمبادرة. ومن أمثلة ذلك، أنه حينما اتخذ أعضاء الزنزانة قرار إدخال راديو ترانزيستور لمتابعة الأخبار على المستوى الوطني وعلى مستوى المنطقة، كان جبيهة رحال هو من تحمل مسؤولية إدخاله إلى السجن (استعمل علاقاته العمالية). أدخل المذياع مساء ونجحت العملية لكن مسؤول الحي المدعو بوشامة (رئيس حراس الحي وكان معروفا بأساليبه الفاشية) راوده شك في الأمر فقرر صبيحة الغد استطلاع الأمر وهاجم على حين غرة زنزانة إفريقيا وقام بتفتيشها لكنه لم يجد شيئا وبدأ محاولاته الترهيبية والاستفزازية للمعتقلين. وإذا كان البعض قد ارتبك إلا أن اجبيهة ظل صامدا لا يتزحزح.
وسيشهد يوم 17 يناير 1976 هجوما عنيفا على زنزانة افريقيا قاده بوشامة بمعية مجموعة من الحراس.
خلال هذا الهجوم تم اختطاف المناضل جبيهة رحال من زنزانته وتم نقله في جو ترهيبي إلى مكان يجلد فيه المعتقلون حيث تعرض "للفلقة"(إحدى الوسائل المستعملة في التعذيب داخل السجون المغربية) وظل اجبيهة صامدا رغم أن تعذيبه كان يتم خطئا على اعتبار أنه فؤاد الهيلالي. (لعل ذلك يعود إلى توجيه من جلادي الدرب الذين كانوا في تلك الأيام يزورون السجن باستمرار)
تحمل اجبيهة حالة التعذيب التي تعرض لها في صمت وصمود لكن الرائع في الأمر هو أنه طيلة الفترة الممتدة إلى حدود استشهاده لم يسمع الكاتب منه أدنى عتب على اعتبار أنه عذب مكانه. وهنا تتبدى لنا في أجلى صورها شيمة الكبرياء وصفة الشموخ لدى صقر القلعة الأحمر الشهيد جبيهة رحال.
كان الشهيد جبيهة رحال من المناضلين الذين لعبوا دورا أساسيا في معركة الشهيد عبد اللطيف زروال التي انطلقت في 14 نونبر 1976 تحت شعار "المحاكمة أو إطلاق السراح"والتي دامت 17 يوما وشاركت فيها ثلاث مجموعات من المعتقلين الموزعين على سجن غبيلة وسجن عين برجة وهم مجموعة 26 ومجموعة 79 ومجموعة 66.
رضخ النظام لمطلب المعتقلين بتحديد موعد للمحاكمة كما اضطر إلى إطلاق سراح 105 معتقل وذلك يوم 7 -12-76.
بعد هاته المعركة فكت العزلة عن المعتقلين وأصبح بالإمكان التواصل فيما بينهم. وفي أجواء نضالية حماسية انطلقت نقاشات سياسية وفكرية هامة بين مناضلي منظمة " إلى الأمام" ومناضلي منظمة 23 مارس.
وسيحتل جبيهة رحال-وسط مجموعة 26-موقعا متميزا في ذلك النقاش، حيث وضع على المحك روحه الوحدوية البعيدة عن الحلقية. وكرس كل جهوده في خدمة بناء علاقة وحدوية مشتركة بين التنظيمين اللذان أصبحا يسيران نحو الوحدة بعدما تم الاتفاق على العديد من النقاط ذات الطابع الإيديولوجي والسياسي.
وعندما تولى الاتجاه اليميني داخل منظمة 23 مارس قيادة المنظمة بعد اعتقالات نونبر 1974(خلال سنة 75 يرى اجبيهة أن هذا الاتجاه أحدث قطيعة مع خط الحركة الماركسية-اللينينية المغربية.... وبعد مراسلة بعثت بها القيادة الجديدة لأعضاء المنظمة بسجن غبيلة، أعلن الشهيد جبيهة رحال قطيعته مع ذلك الاتجاه فتبعته أغلبية معتقلي المنظمة بسجن غبيلة، ليتشكل بعد ذلك الاتجاه الثوري الذي انفصل عن القيادة بالخارج، وكان الشهيد أبرز قادته.
ساهم جبيهة رحال في كل النقاشات المهيئة للمحاكمة بحماس كبير وكان وحدويا بامتياز، الشيء الذي أظهره في المحاكمة، حينما انبرى للدفاع عن الخط الثوري للحركة الماركسية – اللينينية المغربية، وداد عن مبادئها بكل شراسة وانخرط في كل المعارك التي خيضت إبانها، مساهما في تهيئيها ومشاركا في تنفيذها، محرضا عليها وداعيا لها وكان من الأوائل الذين ساهموا في تعبئة حركة العائلات المساندة للمعتقلين السياسيين، ولا ينسى المعتقلون الدور الذي قام به أخوه الدكتور عمر جبيهة.
عندما نقل المعتقلون إلى السجن المركزي بتاريخ 7 مارس 1977, وضع الجبيهة في حي للعزلة المعروف بحي " د " إلى جانب مجموعة من الرفاق المنتمين إلى التنظيمين منهم : محمد حسان , عبد العزيز مريد , حسن السملالي , إدريس بن زكري , محمد السريفي , عبد الفتاح الفاكيهاني و فؤاد الهيلالي .... وبعد انقضاء فترة العزلة انتقل إلى حي" أ" إلى جانب من التحقوا به من مجموعة العزلة, و سرعان ما أعيد الاتصال بين منظمة "إلى الأمام" في السجن و الجناح الثوري لمنظمة 23 مارس بقيادة جبيهة رحال, لينطلق نقاش من جديد من أجل تطوير العلاقة بين المجموعتين في أفق الوحدة بينهما الشيء الذي استمر إلى حدود 15 أكتوبر 1979 تاريخ استشهاده.
ظل اجبيهة على خطه النضالي الثوري حتى النهاية فساهم في تهيئ كل المعارك من موقع قيادي, كما حرص بكل تفان وإخلاص على تنفيذ كل القرارات و الخلاصات, التي كانت تنبثق عن الإطار المشترك بين منظمة "إلى الأمام" و التيار الذي كان يقوده الشهيد.
خلال هاته الحقبة ساهم في كل المعارك و لعب دورا قياديا فيها مثل معركة يونيو 1977 و معركة سعيدة لمنبهي التي دامت 45 يوما و معركة القانون الأساسي للمعتقل السياسي في فبراير1978.
وعلى امتداد هذه الفترة تحمل الشهيد أصعب المهمات و أخطرها واندفع إليها بتلقائية العمال, كما خدم المجموعة في تواضع كبير ينم عن احترام راسخ للعمل اليدوي الذي غالبا ما يحتقره المثقفون.
ساهم جبيهة رحال بدور بارز في رفع طوق العزلة الإعلامية عن المعتقلين وقام بدوره الكبير في تنشيط وتنسيق وتعزيز دور حركة العائلات. لقد كان حقا مناضلا حقيقيا , مبدعا و خلاقا و متفانيا في كل عمل كان يشارك فيه.
استشهاد المناضل جبيهة رحال
في يوم 15 أكتوبر من العام 1979 ستفقد الحركة الماركسية – اللينينية المغربية واحدا من خيرة أبناء الطبقة العاملة و الشعب المغربي. كما تكبد الاتجاه الثوري داخل نفس الحركة ضربة قوية كان لها الأثر الكبير.
و قد استشهد المناضل العمالي الماركسي- اللينيني البارز جبيهة رحال خلال محاولة للهروب من المستشفى(مستشفى ابن سينا بالرباط) بغية استئناف عمله الثوري خارج السجن.
لقد وهب رحال حياته لتستمر شعلة النضال و المقاومة للنظام متقدة ,تنير درب اليسار الثوري . هكذا سقط الصقر الأحمر في خندق النضال شامخا في صمود و عزة و كبرياء ليلتحق بقافلة شهداء الحرية بأبطالها وملاحمها الخالدة . لقد أدى مهمته التاريخية مبدعا في العطاء ووهب روحه بكل سخاء , سخاء الثوريين العظام.
جبيهة رحال المناضل الوحدوي
يقول جبيهة رحال في أحد نصوصه:
"إني أستخلص من هذا أن على الحركة الماركسية-اللينينية من أجل تجاوز ضعفها و حتى تصبح مؤهلة للمهام الثورية العظيمة , و لو نسبيا, أن تعمل عاجلا على سد الثغرات السياسية التي علقت بتجربتها , و أن تقدم بشجاعة على إجراء عمليات وحدوية ضرورية للخروج عاجلا من وضع التشتت الذي تعيشه , و أن تضع خطة لوحدة الحركة الماركسية –اللينينية نحو طريق بناء الحزب البرولتاري."
"إن العملية الوحدوية التي ننشدها حاليا و باستعجال, أرى الشروط متوفرة لها سياسيا و فكريا و تنظيميا , هي بين منظمة 23 مارس – أي مجموعات من 23 مارس تتفق على ذلك ) و بين منظمة "إلى الأمام" و هي عملية أولى ضرورية نحو الوحدة الشاملة لكل الماركسيين- اللينينيين المغاربة .
إن وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة ليست إرادية , إنها صراع سياسي و فكري و مسيرة نضالية . إن هذه الوحدة الشاملة لا يمكن تصورها إلا على أساس خط سديد جماهيري , و على أساس إدراك صحيح للمنهج الماركسي –اللينيني و المبادئ الماركسية – اللينينية و معرفتها , أي إدراك خصائص البلاد و المجتمع وتاريخه و واقعه الملموس و ذلك باستعمال المنهج الماركسي –اللينيني و القوانين الماركسية اللينينية لحل التناقضات في المجتمع . إن هذه الوحدة تتطلب إدراك خصائص المرحلة الثورية و تناقضاتها و خصائص كل فصيل من فصائل الحركة الماركسية- اللينينية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *