جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

نور الدين عيوش: "الشيوعي" الذي أغدقت عليه الملكية*إدريس ولد القابلة

 نور الدين عيوش: "الشيوعي" الذي أغدقت عليه الملكية*إدريس ولد القابلة


حصل نور الدين عيوش على دبلوم الإجازة في العلوم السياسية أوائل سبعينيات القرن الماضي، كما أنه تلقى تكوينا دراسيا في مجال التدبير، بفرنسا، وكان بذلك واحدا من الأطر المغربية النادرة من جيله من حيث الجمع بين التكوين الدراسي النظري والتطبيقي، ولعل ذلك ما قاده إلى معانقة الأفكار اليسارية في عز انتشارها، عبر الأطراف الأربعة للمعمور، وذلك منذ أن كان شاهدا، ومتحمسا، لماي 1968 بباريس، لذا فحينما عاد إلى المغرب سنة 1972 عمد إلى إحداث مسرح ذا طابع اجتماعي، غير أن المؤلف والممثل "عيوش لم يتمكن أبدا من تجسيد المسرح الذي "يفهمه" على خشبة "صلبة" لذا سيلتحق حُلم التغيير من خلال الفن بواحد من الرفوف الكثيرة لليساري "عيوش".
وبينما اختار أغلب الشباب المغاربة الذين عانقوا السياسة، الانخراط العضوي في تنظيمات يسارية علنية، مثل الحزب الشيوعي المغربي (التقدم والاشتراكية حاليا) أو السرية، مثل منظمة إلى الأمام اختار نور الدين عيوش أن يخلد إلى فترة "تأمل" طويلة استمرت حتى سنة 1983 ، عاين خلالها كيف اعتصرت القبضة الحديدية للحسن الثاني "رفاقه" الرمزيين، وبعدما هدأت حمى الاعتقالات قليلا في صفوف اليساريين، لسبب بسيط هو أن كل كوادرهم الحركية كانوا بالفعل وراء أسوار السجون، أو لقوا حتوفهم تحت سياط التعذيب (عبد اللطيف زروال ورحال و أمين التهاني).
في ذلك الإبان اختار نور الدين عيوش أن يُصدر مجلة أطلق عليها اسم "كلمة" باللغة الفرنسية، جمع بين دفتيها بعض الصحافيين المبتدئين، وطفق يُناوش من خلال الأعداد التي أصدرها، خطوطا حمراء في السياسة والمُجتمع، اعتقد كما قال هو نفسه بعد ذلك بسنوات طويلة، أن "التعاطي مع مشاكل المواطنين من خلال مقالات صحفية سيغير العقليات" لكنه سرعان ما سيكتشف انه كان حالما، حيث أُغلقت المجلة بعد ذلك بأربع سنوات، ومنذئذ خلد عيوش لفترة "تأمل" أخرى طويلة استمرت حتى سنة 1994 حيث بدأ يعمل على فكرة خلق جمعية باسم "زاكورا" التي اُريد لها أن تنفذ إلى مشاكل المغرب العميق، من خلال القروض الصغرى، وذلك بدون شك عبر الاستفادة من فكرة كانت قد نجحت في العديد من بلدان شرق آسيا، وتم التركيز على قروض تتراوح بين ألف درهم وخمسة آلاف درهم لفائدة النساء، وقد تحدثت العديد من المقالات الصحافية "المقربة" من نور الدين عيوش عن نجاح التجربة بما لا يُقاس، وكان ذلك سببا في إيجاده الطريق سهلا أولا إلى بلاط الحسن الثاني الحذر من الشيوعيين السابقين وكأنهم الجذام بعينه، غير أن الصديق الصدوق لنور الدين عيوش، ونعني به المستشار الملكي في الشؤون الاقتصادية، عمد إلى تدليل كل العقبات، ليصبح رئيس جمعية "زاكورا" شخصا مقبولا في الكثير من اللقاءات الرسمية والخاصة منذ بدأ يعتبره البعض أحد محركي المجتمع المدني، فمنذ 12 سنة أنشأ مؤسسة "زاكورة" التي شيدت مدارس بالريف ووزعت قروضا صغرى، وحققت نجاحا كبيرا، ففي سنة 2006 مكنت أكثر من 500 ألف شخص من الاستفادة من القروض الصغرى.
وبطبيعة الحال كان في ذلك مقدمة لانطلاق رجل الأعمال "نور الدين عيوش" في مجال المال والأعمال، حيث أسس شركة "شمس" المتخصصة في الإشهار، وكانت واحدة من الأوائل في مجالها التي حصدت زبائن عديدين منبهرين بالآفاق الواسعة لمجال اكتسح المغرب حثيثا، بموازاة مع توغل سنوات الانفتاح التي شجعها الحسن الثاني بإيعاز من المؤسسات النقدية الدولية، التي كانت تُلح على تحرير مجالات الإنتاج للخروج من دائرة شبح "السكتة القلبية".
أنشأ وكالة "شمس" في 1972 تعمل في قطاع الإشهار، إذ كان من الرواد في هذا المجال، وفي سنة 2001 عرف نشاط "شمس" قفزة غير مسبوقة إذ بلغ رقم معاملاتها 190 مليون درهم، والذي ظل يتصاعد إذ بلغ سنة 2002، 198 مليون درهما ووصل إلى 213 مليون درهما سنة 2003، هكذا كانت الانطلاقة، لاسيما بعد الارتباط بـ "لوي" إذ أصبحت وكالته تحمل اسم "لوي شمس" التي تعتبر أول وكالة إشهار أنشأت شبكة مغاربية، إذ تم خلق "لوي شمس" بتونس في شتنبر 200 و"لوي شمس" بالجزائر ثم بدكار.
وهناك كانت الفرصة الذهبية لنور الدين عيوش الذي تضاعفت أرباحه في ظرف قياسي، ويُقال أن الصفقات تهاطلت عليه مدرارا، بإيعاز من أصدقائه المنبثين في أبهاء القصر الملكي، وهو ما سيتأكد من خلال الحظوة الكبيرة التي أصبحت للرجل خلال "العهد الجديد" حظوة وصلت إلى حد اعتبر معه البعض أن نور الدين عيوش يتكلم باسم محمد السادس في ملفات اجتماعية، الأكثر من ذلك أن الرجل أصبح شريكا لا يُمكن القفز عليه، في العديد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، بل ويُقال أنه أصبح ممولا لا يُستغنى عنه، لبعض الصفقات التي تعقدها الدولة، وكانه بذلك يرد الدين العالق بعنقه اتجاه المخزن الذي "أنقذه" من أفكاره اليسارية، وفتح أمامه شطآن الاستفادة من خيرات البلاد في مجالات عديدة، ولعل آخرها، ولن تكون الأخيرة، هي فكرته "الفريدة" بإحداث جمعية "2007 دابا" التي استهوت محمد السادس حين كان مشغولا بفكرة مشاركة مُكثفة في انتخابات شتنبر الماضي، بيد أن "الجبل تمخض فولد فأرا كما يُقال، حيث أن الميزانية الضخمة التي ابتلعتها - يُقال أنها أصبحت من أسرار الدولة لضخامتها - أسفرت عن نتيجة المشاركة الهزيلة المعروفة. غير أن ذلك لن يُحزن اليساري السابق كثيرا، فهو قد استفاد من سنوات الفيض والعطاء، ليتحول في ظرف سنوات وجيزة إلى واحد من أثرى أثرياء "العهد الجديد"، والدنيا حظوظ كما يُقال. وربما سيحمد "الرفيق" السابق عيوش قدره كثيرا بالنظر إلى المصير الأسود الذي لقيه رفاق اختاروا مُناهضة الملكية لا مهادنتها و...الاستفادة منها.

من مقال

أثرياء محمد السادس

إدريس ولد القابلة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *