جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الديمقراطية السياسية ضد الديمقراطية الاجتماعية؟!ابوعلي بلمزيان

 الديمقراطية السياسية ضد الديمقراطية الاجتماعية؟!

هل من المنطقي أن تكون الديمقراطية السياسية ضد الديمقراطية الاجتماعية أو العكس..؟
في كتابه الديمقراطية يتناول الباحث السياسي سامويل هاياط وهو بالمناسبة باحث في CNRS ( المركز الوطني للابحاث العلمية الفرنسي) ، يميز بين الديمقراطية السياسية المؤسسة على التمثيلية والديمقراطية الاجتماعية التي تعد سلاح للشعب للنضال ضد اللامساواة، ويرى الباحث أن الديمقراطية السياسية تم تأسيسها ضدا على الديمقراطية الاجتماعية، بمعنى ، حسب فهم الكاتب وهو رأي صحيح ، قد توجد ديمقراطيات سياسية مؤسسة على فوارق طبقية شاسعة كما هو الحال في معظم الدول الغربية حتى انك تجد المهمشون والمقصيون والذي يعيشون على المساعدات..
ونستغل هذا الفرصة لنتوقف عند فكرة دقيقة للغاية يجب تجنبها ويمكن أن تساهم في التشويش على التحليل السياسي، ويتعلق الأمر بوحدة الشعب وانسجامه( وهذه ايديولوجيا عادت لنتعشت بشكل كبير في الغرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والنتائج الكارثية القادمة التي ستجعل الشارع وجها لوجه مع الاوليغارشية الحاكمة) ، فوحدة الشعب مجرد خيال وخرافة ليس في الغرب وحده بل في كل ارجاء الكون، الشعب هو مكونات وطبقات اجتماعية متصارعة على توجهات للنظر، القيم، ومشاريع مجتمعية ..
فعندما تخرج الجماهير الشعبية وتستنكر الحالة الاجتماعية دون ربطها بأفق لتغيير النظام ، تكون كمن يطارد السحاب ، فالمشاركة السياسية لا تعني الانتخابات حتى في اوربا نفسها بل في الحالة التي يسود فيها نظام اوليغارشي محتكر للسلطة بشكل من الاشكال ، فإن المشاركة الحقيقية تقوم ضد الانتخابات .. ومشهد الانتخابات عندنا ماثلة امامنا حتى ان المرء يمكن أن يتساءل بكل مسؤولية عن جدواها اصلا!؟
ويعود الباحث في كتابه لاعطاء مثل بتوجه ضمن السترات الصفر المعروفة باعتصام سمي "الليل واقفين" ويتفحص اسباب الفشل في بنية هذه الحركة التي كانت تناهض مظاهر النظام الرأسمالي دون طرح سؤال النظام من أصله..
ان الحلقة المفقودة بين تمفصل الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية هو مكمن العطب الذي تعيشه كثيرة من الحركات الاجتماعية حتى في بلادنا ( الحراكات الاجتماعية كنموذج) حتى ان هناك من كان يظن ، بقليل من الدهاء، ان تحسين الوضعية الاجتماعية يمكن ان تتحقق بضربة مقص وبشيء من النزهة والتجول في الشوارع .. كما يمكن ان يتحقق الشيء الكثير في وقت قياسي ما عجزت عنه الأحزاب اليسارية لعقود من النضال والتضحيات.. ونتج عن سوء هذا التقدير تضحيات كبيرة لا يحس بها الا من فقد اهله وذويه وذهب اصحاب الشعارات الى سالف عندهم بعد ان تنكروا لكل القناعات..هذا الوهم تبدد الان واذا لم يرجع الواهمون الى عقولهم ويراجعون حساباتهم ويقتنعون ان التغيير يتطلب نفسا ووجود مناضلين ومناضلات صادقين ومؤمنين بالخيارات السياسية الحقيقية ، فإن كل شيء يسير الى الباب المسدود ، فتأملوا جيدا المشهد السياسي كم اصبح فارغا وبئيسا يرقص على ظهره الفاسدون من كل صنف ، بسبب تدمير المبادرات السياسية الجادة التي كانت تروم فتح الحوار والنقاش على قضايا تهم الجميع ..
ان التمفصل بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية والاجتماعية هي في صلب تصورات اليسار وقليلة هي التنظيمات التي تطرح هذا التمفصل ..
ونستغل فرصة هذا الكتاب ، ولو ان صاحبه لا يذهب إلى النتيجة المنطقية لتصوره، لنؤكد ، ان إشاعة الحوار والنقد الجذري للحالة الراهنة ..
ان النضال في الوقت الراهن اصبح صعبا ويحتاج إلى شجعان قادرين على اقتلاع المخزنية من عقول الاغبياء، حيث السياسة تمارس بالجسد والعقل وهما متلاحمان، وعندما يكون الجسد مصابا بالعياء وعدم الايمان بالخيارات والعمل من اجل انجازها، فإن تفكيرا كهذا ربما مصاب بالخرف ولا يرجى منه خير، وهنا أهمية الشباب والشابات، طلائع المجتمع، باعتبارهم سريعي الحركة وينتجون الانفعالات في الوقت المناسب، لكن هذا لن يتحقق ما لم تحصل القناعة ان التغيير لابد ان يكون بقيادة حزب سياسي باعتباره ملك للشعب والطبقات الكادحة وهو الضابط للتوازن بين الأجيال ، خارج هذا الافق فكل شيء سيتعثر طالما بقيت تلك العربدة التي تشيع اليأس وسط الناس وهم على اريكتهم نائمون ينتظرون من القدر ان يفرج عنهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *