الحديث الكافكاوي بين العم عبد النبي والمراة شبه المجنونة*الرفيق تاشفين الاندلسي
كان حديثا كافكاويا بين عمي عبد النبي بقفشاته القاتلة و امرأة لا أعرفها هي شبه مجنونة لكنها منطلقة من كل عقال رغم مظهرها التقليدي ( هناك نماذج من النساء من بلادي الأولى أكثر تحررا و حكمة من كل هذه المظاهر الكاذبة التي نراها اليوم ) :
على طريق الريف من طنحة عبر جبال الريف الملتوية و الليل طويل و صخب الحديث بين عمي عبد النبي السائق الماكر الساخر و تلك المرأة التي كانت معتادة على السفر معه ضمن ما يقارب العشرين نفرا في سيارة سياحية من نوع مرسيديس 207 .
يتعجب عمي عبد النبي قائلا للمرأة باستنكار و تعجب شديد : انتم النساء قويات الى درجة أن الأسد ذات يوم هرول هاربا لما التقى بامرأة عجوز جسورة رأى منها ضربة ساطور في جسمها و لم ينل منها أي شيء .
و تابع عمي عبد النبي الماكر : كيف لي أنا الرجل أن أصبح فجأة فجرا و من دون مقدمة تعارف في منزل غريب في بني عمارت البعيدة الى جانب رجل لا أعرفه وجها لوجه معزولين عن الناس ؟ لا لا لا لا أستطيع لكن أنتن تستطعن عن جدارة و بشكل لا يمكنني فهمه أبدا .
ولولت المرأة النصف مجنونة : كنت قلتها لك ما من مرة يا عبد النبي لكنكم جبناء لا تستطيعون اقتحام عوالم تشبه الحرب من دون ان تكونوا عارفين عن عدوكم شيئا هو مجهول تماما ، هل تستطيعون أنتم الرجال ؟ قهقه عبد النبي بمكره المعهود و هو يستفز المرأة متعمدا الهزيمة و هو يدير مقود حافلته الصغيرة على تلك المنعرجات التي يلفها الضباب و الليل يرخي ستائره على غابات الصنوبر الكثيفة .
أكون منشغل بين الإنصات الى حوار نادر يدفعك في بعض الأحيان إلى فقدان السيطرة على مزاجك و بين الاستماع لإذاعة ميدي 1 و برنامج "السماع الصوفي" لأحمد الخليع يشتغل على أمواجها متحدثا عن مولانا جلال الدين الرومي أو إبن عربي أو ذو النون المصري قبل أن يتعرض للمسخ على تلفزة "إثم" .
الرحمة على عمي عبد النبي و على تلك المرأة و على تلك الأيام أيضا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق