عبد الرحمن بنعمرو ضيف مجلة زمان
الحسن الثاني مخاطبا عبد الرحيم بوعبيد "واش بغيتي نهنيك من دوك البراهش"
رغم الشيب الذي غزا رأسه والخطوات التي أثقلها الدهر، ما يزال عبد الرحمن بنعمرو يتقدم المسيرات الاحتجاجية كشاب في العشرينات من عمره، لا يضيع أي مناسبة سياسية أو حقوقية للدفاع عن الأفكار التي يؤمن بها. لذلك كان حاضرا في معظم المحاكمات السياسية التي عرفها تاريخ المغرب المستقل. ويطلق عليه الكثيرون لقب "شيخ الحقوقيين المغاربة". في هذا الحوار الذي خص به مجلة "زمان"، يعود بنعمرو إلى بدايات تسيسه في مدارس الحركة الوطنية قبل رحلة الدراسة القاسية في حلب والقاهرة، ثم الانحياز للمهدي بن بركة في مواجهة علال الفاسي، وبعدها مساره داخل الاتحاد " الوطني للقوات الشعبية، فالاتحاد الاشتراكي والصراع داخله مع القيادة، وصولا إلى تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
حاوره المعطي منجب وعماد استيتو
بداية، حدثنا عن نشاتك ومراحل دراستك الأولى؟
أنا من مواليد سنة 1933، في زنقة درب الحوت في المدينة القديمة في الرباط. كان والدي محافظا متدينا مؤمنا كثيرا بأهمية "المسيد". لم يكن متعلما، لكنه حفظ القرآن كبيرا وكان مهووسا بالمطالعة. كان يقرأ تاريخ التراث الإسلامي مثل تلك التي تتناول الصراع بين الأمويين والعباسيين. كما أتذكر أنه كان يأتي الاستظهار سور القرآن أمامي. بطبيعة الحال، درست في "المسيد"، وقد تنقلت بين مسيد برادو، ومسيد بلحسن ثم مسید بربيش. ثم جاءت مرحلة المدارس الحرة في عهد الاستعمار التي كان يشرف عليها حزب الاستقلال. وقد كانت هذه المدارس بسيطة جدا ومتواضعة على مستوى الإمكانيات، حيث كنا ندرس في الزوايا ونفترش الحصير، ولم تكن هناك مقاعد للجلوس عليها.
لم تكن هناك مدارس عصرية؟
أتذكر أن المدرسة الأكثر تقدما وتنظيما في ذلك الوقت، كانت هي مدرسة كسوس التي كان يشرف عليها أحمد بلافريج، لكنها لم تكن تبدأ إلا مع الشهادة الابتدائية، وكانت تدرس فيها اللغة الفرنسية. درست فيها لمدة أربعة أشهر فقط، قبل أن يتم إغلاقها من طرف سلطات الحماية إثر أحداث سنة 1944. بعد ذلك، عدت إلى المدارس الحرة في الزوايا، وكنا ندرس فيها القرآن، العربية، التاريخ والجغرافيا والحساب.
ألم تكن المدارس الحرة منظمة؟
لاحقا نعم، وكانت أول مدرسة حرة منظمة أدخلها هي مدرسة محمد الخامس وذلك سنة 1948، وهي المرة الأولى التي أحصل فيها على مقعد دراسي حقيقي وأتجاوز مرحلة افتراش الحصير، وهي مدرسة وقف الاستعمار ضد تأسيسها لأن الوطنيين كانوا وراءها. وحتى بعد إنشائها لم تكن تعترف بها سلطات الحماية، كما كانت ترفض الاعتراف بشواهدها. مدرسة محمد الخامس كانت، إذن، مدرسة مغضوبا عليها وكان الأساتذة متطوعين ويتلقون تعويضا هزيلا. في المقابل، كانت هناك المدارس العمومية، التي تعترف بها فرنسا مثل "مولاي يوسف" التي درس فيها بلافريج وعبد الرحمان اليوسفي، ومدارس الفرنسيين وكذلك مدارس خاصة باليهود.
متى بدأ اهتمامك بالسياسة؟
يمكن القول إنني تلقيت أولى الجرعات السياسية في مدرسة كسوس التي كانت مدرسة أسسها الوطنيون، وكان مديرها أحمد بلافريج أحد رموز الحركة الوطنية أنذاك. وأيضا في "القاسمية" وهي المدرسة الحرة التي عدت إليها بعد إغلاق مدرسة كسوس وقد كانت تابعة أيضا للحركة الوطنية. وفيها بدأنا تتلقى دروسا في الوطنية وأساليب مواجهة الاستعمار.
هل انتسبت إلى حزب الاستقلال؟
حينما تلج مدرسة محمد الخامس، فإنك تلقائيا تصبح محسوبا على حزب الاستقلال، لم تكن هناك عضوية بالشكل الذي نعرفه اليوم. كانوا يلقنوننا ما يقوم به بعض المحسوبين على الحزب كعلال الفاسي وأحمد بلافريج. نحن في قلب المدينة وكانوا يدرسوننا الأناشيد عن
الجبال. كانت اللقاءات سرية ويأتي بلافريج ليقرأ منشورا، ويقول إن القضية المغربية ستعرض في الأمم المتحدة... ويمكن القول إنك حينما تدخل مدرسة محمد الخامس، كأنك دخلت الإسلام.
لماذا قررت مغادرة المغرب لاستكمال دراستك؟
سنة 1952، حصلت على شهادة "البروفي" -ما يعادل الشهادة الإعدادية، كان عدد المتخرجين قليلا جدا. وكانت الآفاق أمامنا محدودة جدا ولم تكن لدينا اختيارات كثيرة في الحقيقة. فقد كان أمامنا ثلاثة خيارات، إما الولوج إلى سلك التعليم لتدريس اللغة العربية، أو الذهاب إلى المدارس الفرنسية، وهو أمر معقد جدا لأن ذلك يتطلب مجهودا كبيرا لتعلم الفرنسية على اعتبار أن معظم تعليمنا الأولى كان بالعربية وهناك خيار أخير، وهو الذهاب إلى المشرق الذي كان يتطلب إمكانيات مادية مهمة كذلك. وبما أن الفوج الأول الذي تخرج من مدرسة محمد الخامس قد سبقنا إلى سوريا والعراق فقد رأيت أنه سيكون من الجيد الذهاب إلى المشرق. اقتنع والدي بضرورة أن أكمل دراستي في المشرق، وساعدني في استخراج جواز سفري، فالسلطات الفرنسية لم تكن متساهلة حينما يتعلق الأمر بالسفر إلى دولة عربية، على عكس طلبة شمال المغرب الذين كان فرانكو يسهل مأمورية سفرهم إلى المشرق للدراسة.
إذن، سمحت لك سلطات الحماية بالسفر دون تعقيدات في نهاية المطاف؟
اهتديت إلى حيلة ادعاء السفر إلى باريس للعلاج، حتى أتمكن من انتزاع جواز سفري، لأنه كان من المستحيل أن يسمحوا لي بالخروج خارج البلاد. وهكذا تمكنت بتاريخ 12 أكتوبر من سنة 1952من الخروج من البلاد، وما زلت أتذكر أن العائلة وجمعا كبيرا من أبناء الحي رافقوني على متن شاحنة إلى مطار سلا.
كانت فرنسا محطة عبور فقط. كيف قضيت أيامك هناك؟
نعم، سافرت إلى باريس رفقة ثلاثة طلبة مغاربة من المدارس الحرة من مدينة الدار البيضاء أتذكر منهم المرحوم أحمد السحلاتي، كما أذكر أنه كان لى مبلغ بسيط من المال لا يتجاوز 80 ألف فرنك (800 درهم) وقد حاولت الاقتصاد فيه ما أمكن. ركب معنا أحمد العينانی المهندس الذي أصبح وزيرا لاحقا، وقضينا الليلة الأولى عنده. قصدنا بعدها دار المغرب (La Maison du Maroc)، وكان المشرف عليها أحمد العلوي، الذي استقبلنا بشكل سی. وطلبنا منه أن يوفر لنا المبيت. وسمح لنا مؤقتا بذلك مقابل أن نتكفل بدفع أجرة من يطبخ لنا، فعلنا ذلك الأيام لكن الأمر كان مكلفا جدا لأن الطباخ كان يطلب في كل مرة مضاعفة أجرته. فانتقلنا بعدها للسكن عند أقارب أحد رفاقنا في الرحلة والذي كان إماما لمسجد في العاصمة الفرنسية. وهكذا، بقينا في باريس لمدة شهر، في انتظار أن نحسم وجهتنا بين مصر وسوريا أو العراق.
لم تكونوا قد حسمتم وجهتكم بعد؟
نعم، كنا حائرين بين مصر وسوريا. في البداية كنا نرغب بالذهاب إلى مصر لكننا لم نحصل على التأشيرة، فتوجهنا إلى سوريا التي لم تضع في وجهنا أية تعقيدات أو عراقيل وحصلنا على التأشيرة بسرعة، كان ذلك في زمن الحكم العسكري للشيشكلي. هكذا، ركبنا في القطار من باريس إلى مارسيليا ثم أخذنا الباخرة لمدة اثني عشر يوما. وقد أخذنا طبعا أرخص تذكرة بما يتناسب مع إمكانياتنا المحدودة جدا. وأتذكر أننا توقفنا في اليونان وقبرص قبل أن نصل إلى الإسكندرية وبعدها إلى بيروت، ثم أخذنا سيارة أجرة للوصول إلى سوريا. في البداية، واجهتنا صعوبات في التسجيل لأن الموسم الدراسي كان قد بدأ ، لم نجد مقاعد دراسية في العاصمة دمشق فتم إرسالنا إلى حلب. وبالضبط إلى مدرسة "التجهيز الأولى" وهي من أفضل المدارس .
كيف استقبلكم السوريون في حلب؟
تم الترحيب بنا بحرارة، السوريون أناس حليون جدا. أجرينا اختبارا أوليا ونجحنا فيه بامتياز. وتزامن وصولنا مع تنظيم نشاط مسرحي، وحينما دخلنا القاعة مصر: التحدث ترحياتنا قائلا إننا طلبة هاربون من المغرب، وبدأت القاعة تهتف "عاش المغرب" و"تسقط فرنسا". نزلنا في فندق بسيط قبل الولوج إلى الداخلية التي قضينا فيها سنة، وأتذكر أننا عشنا سنة أخرى صعبة قضيناها في إحدى الخيريات.
إذن في سوريا نلت البكالوريا؟
صحيح نلت البكالوريا سنة 1955، لكن وقع معي مشكل قبل ذلك. فحينما تم الإعلان عن النتائج لم يرد اسمی بين الناجحين، استغربت كثيرا لأنني كنت من المتفوقين، وسافرت من بلودان في ريف دمشق أين كنا نقضي الصيف للاستفسار، ووجدت أنه قد وقع خطأ أثناء كتابة اسمی. فقد وضعوا اسم عبد الرحمن الرياح" عوض اسمي "عبد الرحمن بن عمرو"، خلطها بين اسمي العائلي واسم المدينة التي أنحدر منها.
كيف كان احتكاككم بالسياسة في سوريا؟
إذا كنت قد تلقيت الجرعات الأولى من السياسة في مدارس الحركة الوطنية، فإن تسييسي الحقيقي قد انطلق في سوريا. كان الجدية تسيسا بشكل كبير. كان زملاؤنا في نفس أعمارنا، لكنهم مسیسون بشكل كبير هنا سنتعرف لأول مرة على المفاهيم والتيارات.
كانت فترة الاستراحة بين الدروس تخصص للنقاش السياسي والفكري. كان السوریون دون استثناء، دیسان للبيت وأساتذة، حيث كان همة د. أيضا يدرون أفكارهم وما يؤمنین به أثناء الدروس. كانت جميع التيارات ممتلة من شيوعيين وقوميين وبعثيين، فيما كان کلام: قلة قليلة جدا. وكنت أحضر هذه النقاشات مع مختلف التيارات، وكنت أستمع إلى جميع هذه التوجهات
في إحدى الأيام، قال لنا السوريون إنهم يعتزمون تنظيم تظاهرة من أجل المغرب بمناسبة ذكرى نفي محمد الخامس، وإن القضية المغربية تعني السوريين. هكذا تكلفوا بالتنظيم والتنسيق بين المدارس، كنت أعتقد في الوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بتظاهرة صغيرة ورمزية. ثم وجدنا مظاهرة ضخمة جدا لمناصرة المغرب في يوم ماطر سنة 1954. وطلبوا مني إلقاء كلمة في سينما "أمبير"، ولبيت طلبهم
ثم جاء انتقالك لإتمام الدراسة الجامعية في مصر ؟
زار علال الفاسي مجموعة من الإخوان المغاربة في بلودان بريف دمشق، وتحدثوا عن مجموعة من الأمور وشرح لهم تصوره لاستقلال المغرب قائلا: «إن المغرب يريد استقلالا على الطريقة الإنجليزية». كان علال الفاسی معارضا لاتفاقية ايکس اليبان. وانتهز الطلبة الفرصة وأخبروه عن وضعيتهم الهشة والمزرية، فوعدهم بأنه مستعد ليضمن المنحة للطلبة المغاربة، إذا ما أتوا لاستكمال دراستهم في مصر. أخبرني الإخوان بما دار بينهم وبين علال الفاسي فقررت الانتقال إلى مصر. لم أكن أخطط للأمر، بل كان مقررا أن أستكمل دراستي في الاقتصاد في سوريا. هكذا، ذهبنا إلى مصر وفي ذهننا أن المنحة مضمونة، لكن علال الفاسي لم يستطع الوفاء بوعده لنا، وقال لنا أحد المقربين من علال الفاسي إن " الفول المدمس" رخيص ويمكننا أكله. هكذا، انقسمنا إلى قسمين، جزء منا قرر العودة إلى سوريا، فيما قررت أنا البقاء في القاهرة التي أعجبت بها، فانتسبت إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة في زمن جمال عبد الناصر.
كيف كانت الدراسة في القاهرة؟
في ذلك الوقت، كانت القاهرة الوجهة المفضلة للطلبة من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي نظرا للامتيازات الكبيرة التي توفرها الدراسة في مصر مثل مجانية التعليم والمستشفيات الخاصة بالطلبة والمنحة الدراسية المهمة التي كانت تقدر بحوالي 10 جنيهات. وهكذا بقيت خمس سنوات في القاهرة، وحصلت على إجازة في الحقوق سنة 1960.
ما هي أبرز ذكرياتك خلال مقامك في مصر؟
لدي ذكريات جميلة وكثيرة في مصر، أتذكر أنه ب26 قرشا فقط كنت أستطيع تناول ثلاثة وجبات يوميا، كما حضرت لعدد من سهرات أم كلثوم بجنيه واحد فقط في الأوبرا القديمة وسينما النيل. كانت هناك أنشطة ثقافية وسياسية متنوعة في مصر جمال عبد الناصر، استفدت منها الشيء الكثير، من بين الطرائف التي وقعت لي، أنني كنت مداوما على الأكل في مطعم يوناني في مصر يقدم وجبات "الفول المدمس"، أخبرني صاحب المحل إنه يتوقع أن أكون وزيرا أو رئيسا. فسخرت منه، فأجابني بأن الحبيب بورقيبة كان يجلس على نفس هذه الطاولة، وقد أصبح رئيسا لتونس.
لم تعد إلى المغرب خلال فترة دراستك في الخارج؟
جئت مرة واحدة بعد الاستقلال.
هل التقيت شخصيات مغربية في مصر؟
بكل تأكيد، أول ما وصلنا إلى مصر "قمنا بزيارة مكتب المغرب العربي في مصر، استقبلنا عبد الكريم غلاب، لكنه لم يحل لنا أي مشكل. كما التقيت المهدي بن بركة بشكل " عابر بعد الاستقلال.
كيف كان اللقاء الأول مع بن بركة؟
أتى اللقاء مباشرة بعد الاستقلال. التقيناه بشكل عابر في أحد الفنادق في القاهرة على هامش نشاط كان يحضره، لم يتجاوز اللقاء عشرة دقائق، سألنا عن أحوالنا وتعارفنا، كان المهدي مشغولا جدا، فيما كان الجميع يرغب بتبادل أطراف الحديث معه.
ماذا عن الشخصيات العربية والدولية؟
كانت هناك أنشطة ينظمها الفلسطينيون، وأتذكر أن یاسر عرفات (أبو عمار) كان رئيسا للطلبة الفلسطينيين في مصر، وكان يعرفه محمد الجدايني، وهو طالب مغربي من مدينة وجدة. وقد التقيته معه في مرة من المرات.
هل كان الطلبة المغاربة منظمين في مصر؟
بكل تأكيد، فأنا شخصيا كنت رئيسا لفرع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في القاهرة لمرتين، وكان لنا مكتب في عمارة وهبها المصريون للطلبة المغاربيين. " ابتداء من سنة 1958، بدأنا نسمع بحصول الصراع بين أجنحة
حزب الاستقلال في المغرب، وهنا بدأ يحصل الفرز بين من سينحاز إلى المهدي بن بركة ومن سيبقى مع علال الفاسي، فانقسمنا إلى قسمين، وقد انحزت إلى موقف بن بركة طبعا
حدثت إذن خلافات بين الطلبة المغاربة في مصر؟
طبعا في أحد الأيام، كانت هناك محاضرة يلقي فيها أحدهم عرضا ما، لا أتذكر موضوعه، وكان من بين الحاضرين عدد من المحسوبين على جناح علال الفاسي، أخذ الطلبة سلما وربطوه بمكبر صوت في نهاية القاعة وبدأت في الكلام، وكان الصوت يخرج وكأنه من الإذاعة.
قلت إن انقلابا حدث في المغرب وأن الملكية ستزول وأن الفرقاطات الأمريكية في طريقها للمغرب. وبدأ البعض يصيح: "عاشت الثورة". قبل أن يكتشف الجميع أن الأمر يتعلق بمقلب، لتبدأ المواجهات بيننا وبين عدد من الطلبة المحسوبين على جناح علال الفاسي، فوصل الخبر إلى الشرطة المصرية التي تدخلت.
ماذا حصل بعدها؟
تم اقتيادنا إلى التحقيق في قسم الشرطة، يمينا ويسارا. حين دخلنا إلى قسم الشرطة بادر أحمد الفاسي، أحد الموالين للجناح اليميني بالقول للضابط، إننا ضد الملكية، فأخرسه الضابط على الفور طالبا منه الصمت في حين كان تعامله مهذبا جدا معنا وبدا متفهما. في النهاية، لم يكن هناك أي محضر وطويت القضية.
هل التقيت محمد بنعبد الكريم الخطابي؟
نعم، في مناسبة واحدة. إذ كان بنعبد الكريم الخطابي يستقبل المغاربة كل يوم جمعة على مأدبة وجبة كسكس، كانت عادة أسبوعية يحرص عليها الخطابي منذ حلوله بمصر. فذهبت إليه بمعية عدد من الأصدقاء ووجدناه في فراشه وهو يتابع إحدى التمثيليات المعروضة أمامه، وأذكر أن لهجته بخصوص الأوضاع في المغرب كانت ثورية.
بعد العودة إلى المغرب، التحقت فعليا بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية؟ "
عدت إلى أرض الوطن في ماي من سنة 1960 في خضم محنة حكومة عبد الله ابراهيم التي تم إسقاطها من طرف ولي العهد مولاي الحسن. ولاحقا، قمت بحضور المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية. لكن في الواقع فإن الحزب لم يصبح له وجود تنظيمي فعلي إلا في سنة 1965.
كيف ذلك؟
أصبح الحزب منظما بعد إصدار عمر بنجلون المذكرة أكتوبر سنة 1965 والتي بدأ معها العمل بالخلايا الحزبية. مؤتمر سنة 1962، مثلا، كان فوضى حقيقية. حضر الآلاف في هذا المؤتمر دون حسيب أو رقيب يميز بين العضو وغير العضو، والمهتم فعلا والمتطفل. فضلا عما قام به المحجوب بن الصديق من الإتيان بحافلات مملوءة، حيث تم إغراق وتعويم المؤتمر بغرض السيطرة عليه، وهو الدور الذي استمر في القيام به لاحقا.
كنت تلتقي المهدي بن بركة؟
نعم، ما زلت أتذكر أول عرض حضرته له في المغرب وكان قد قدمه في الغرفة التجارية بعد عودتی . وكان موضوعه العلاقة مع الملكية وقد شرحها، بشكل واضح، بالقول: «إن الأمر يتعلق بتعاقد واضح على الملكية أن كون لها فيه مسؤوليات تجاه الشعب». ثم جاءت محاولة اغتياله فی بوزنيقة في نونبر من سنة 1962، حيث انتقلت إلى منزله رفقة زميلي المحامي محمد التبر لنناقش معه ما يمكن القيام على المستوى القضائي ووجدناه مجروحا، كنت حينها ما أزال محاميا متمرنا.
ما الذي تعرفه عن محاولة اغتيال بن بركة؟
كان مخططا أمنيا لاغتياله وفشل. بحسب ما أعرف، قامت هذه العناصر الأمنية التي كانت على متن سيارة "فولسفاكن" بمطاردته من الرباط ومزاحمة سيارته بهدف جعلها تنقلب قبل تصفيته. وفعلا، انقلبت السيارة ونزلت العناصر الأمنية لإتمام المهمة، لكنها فوجئت بخروج سکان الدواوير المجاورة، فادعت أنها تسأل عن حال سمع أحمد الدليمي المهدي بن بركة. وقد روي رشيد سكيرج أنه
يتحدث في الهاتف معاتبا عناصره: "كيف قمتم بافلاته" طبعا كانت هناك محاولات أخرى إلى أن تم اختطافه في فرنسا
حدثنا عن حضورك خلال محاكمة ما يعرف بمؤامرة 1963؟
شرت هذه القضية وأنا ما أزال محاميا متمرنا، وقد انسحبت هيأة الدفاع ولم تستمر في الترافع، وأتذكر أنني، كما معظم المحامين كنت أنوب عن جميع المتهمين. المحاضر كانت كلها مزورة وكانت كلها بالفرنسية وكنت أحتاج إلى منجد لأفهم المحضر، إذ أن . المحاضر لم تعرب حتى السبعينات.
متى تعرضت للاعتقال لأول مرة؟
اعتقلت سنة 1981، وتوبعت جنائيا بمواد تعادل أحكامها الإعدام، في الأحداث الشهيرة ليونيو في الدار البيضاء والرباط. اتهمتني الدولة بالتحريض والمشاركة في التخريب والتكسير، رغم أنني في الواقع خرجت فقط بسيارتي لأرى ما يحصل عن كثب. كانت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل هي الداعية للاحتجاج، لكن في ذلك الوقت لم يكن هناك تنظيم يستطيع قيادة الأمور من البداية إلى النهاية والتحكم في مسارها، بمعنى أنك تستطيع أن تطلق شرارة احتجاج وأن تتجاوزك الأمور، ولا تكون قادرا على إطفائها، وهذا ماحصل.
اعتقلت في اليوم الموالي حينما كنت متوجها إلى مكتبي، وقد تم تزوير المحضر عند وصوله إلى النيابة العامة. وهكذا، أصبحت أنا المنظم وانا من انتقلت من شارع الى شارع لنهدين الناس وأنا من قمت بإحراق بنك في حي يعقوب المنصور. التمسوا لى ظروف التخفيف واعطوني 3 سنوات موقوفة التنفيذ، كان ذلك قرصة أذن وتحذير. وفعلا تم سجني إثر أحداث 8 ماي سنة 1983.
ما هي أسباب الخلاف الداخلي داخل حزب الاتحاد الاشتراكي التي أفضت إلى هذه الأحداث؟
الخلاف كان إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا بيننا وبين ذلك الجناح الذي كنا نسميه بالجناح الانتخابي أو التحريفي. لم يكونوا يؤمنون بالاشتراكية على عكسنا، كما لم يكونوا يعتقدون في التنظيم ولا يؤمنون بأهمية الخلايا ، يريدون تنظيما مهلهلا ونضالا نظريا غير مبني على أية مقاييس وشروط، فملأوا اللجنة المركزية بالبورجوازيين من كاتبي المذكرات الذين لا يناضلون ولا ينزلون إلى الشارع، كان هذا تصورنا
هل كان عبد الرحيم بوعبيد يميل إلى خصومكم داخل الحزب؟
عبد الرحيم لم يكن يريد أن يكون ضدنا بشكل مباشر، أو دعنا نقول إنه كان لديه موقف توفیقی. عرض علينا الدخول إلى المكتب السياسي، وقلنا له إن القضية قضية مواقف وتوجهات وليست محاصصة أو مناصبه كان النظام مستاء جدا منا ويتابع بقلق تحركاتنا، خصوصا أنه كان لدينا حضور جماهيري قوي في معظم الجهات وكنا نسيطر على الشبيبة: وقد أسر لنا عبد الرحيم بوعبيد في يوم من الأيام أن الحسن الثاني قال الله في أحد لقاءاته معه إنه يتابع ما يحصل داخل الحزب وقال له: «واش بغيتي نهنيك من دوك البراهش»، فأجابه بوعبيد إن الأمر يتعلق بمسألة حزبية داخلية. بوعبيد كان يمسك العصا من الوسط. صراعنا كان أكثر وضوحا مع محمد اليازغي الذي كان يريد محونا.
إلى أي حد كان تياركم داخل الحزب قويا؟
كنا نسيطر تقريبا على جميع المقرات باستثناء مقر أكدال بالرباط وجهتي الجنوب والشرق، كنا نجول تقريبا كل أنحاء البلاد وننظم أنشطة ضخمة. وفي إحدى التجمعات في حي يعقوب المنصور بالرباط اعتقلت وسطه من طرف الضابط الخلطي. وتم نقلى لمقر الأمن الإقليمي، وهناك حاولوا إغرائي واستقطابي.
كيف ذلك؟
قالوا لي إنه مرحب دائما هنا إذا أحببت المرور القضاء غرض ما، كان ذلك عرضا واضحا.
ثم جاء الموقف من الانتخابات.
نعم. وقع تزوير فاضح في انتخابات سنتی 1976 و1977، رغم أن الحسن الثاني كان قد وعد قبلها، بأربع سنوات، بانتخابات نزيهة. وقد شارك الحزب في هذه الانتخابات في وقت كان فيه مناضلو الحزب ما يزالون قابعين في السجون بسبب مشاركتهم في أحداث مولاي بوعزة وكانت المقرات ما تزال مغلقة. كانت أول انتخابات نشارك فيها بعد المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975، الذي تبنينا فيه الخيار الديمقراطي. لكن الخيار . الديمقراطي، كما تصوره عمر بنجلون ی وتصورناه ، كان يعني الصراع وليس المهادنة ، أي مواجهة الحكم سواء من داخل المؤسسات أو في الشارع. وهذا أحد أوجه خلافنا مع و خصومنا داخل الحزب. ثم جاء المؤتمر الثالث : في دجنبر سنة 1978، الذي صدر على إثره بیان شهير منع نشره في الصحافة، حرره محمد عابد الجابرى. ووجه نقدا شديد اللهجة للملكية لخيانتها لثقة المغاربة في الانتخابات. وهو البيان الذي طرحت فيه الملكية البرلمانية ورسم صورة سوداء عن الأوضاع السياسية والاجتماعية. كما صدرت عن المؤتمر توصية أن نغادر المؤسسات المنتخبة لأنها مزورة ومزيفة. وقد دعمت اللجنة المركزية في مای من السنة الموالية هذه التوصية، وقررت الخروج من المؤسسات المنتخبة جميعها وأعطت المكتب السياسي تفويضا لتنفيذ هذه المقررات. وهنا بدأ التماطل من طرف المكتب السياسي الذي لم ينفذ مقررات المؤتمر واللجنة المركزية. "
ما هي أبرز محطات الصدام الأخرى مع هذا التيار قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة؟
النقطة التي أفاضت الكأس هي التعامل مع الحكم في الكواليس، لم تكن لهم أي رغبة في الاصطدام بالحكم. وتوالت عدة حوادث إلى أن وصلنا إلى 8 ماي. وأبرزها قضية التجديد للبرلمانيين والاستفتاء الذي حصل حول ذلك. كان موقفنا أن لا يطبق ذلك بأثر رجعي بمعنى أن ينسحب برلمانيو الحزب بمجرد انتهاء ولاياتهم. وقد أيدنا بوعبيد فعلا هذا الموقف وصدر بيان للمكتب السياسي يحمل هذا الموقف، ثم جاءت واقعة موقفه من موافقة الحسن الثاني على إجراء استفتاء في الصحراء والبيان الشديد اللهجة الذي حرر باسم المكتب السياسي، والذي اعتقل على إثره بوعبيد وعدد من أعضاء المكتب السياسي.
ماذا حصل بعدها؟
بعد اعتقال بوعبید، ظل أمامنا عبد الرحمان اليوسفي الذي كان قد عاد إلى المغرب ذهبنا للقائه في الدار البيضاء أنا والصادق العربي، وقلنا له إنه يتعين علينا الصمود في موقفنا ودعم هؤلاء البرلمانيين لكي لا يعودوا إلى البرلمان. وطلبنا منه جمع اللجنة الإدارية واللجنة المركزية لتاكيد ان قرار الانسحاب هو حزبی، بغرض مناضلي الحزب وإجبار الحكم على التراجع لكنه رفض تلبية طلبنا بشكل قاطع. لكن الملك وجه خطابا واتهم البرلمانيين المنسحبين بالخيانة فاضطروا إلى العودة بشكل فردي.
إلى أي طرف انحاز محمد عابد الجابري؟
الجابري كان متعاطفا معنا بكل تأكيد وكان يدعمنا ويحمينا، لكنه ظل في نهاية المطاف إلى جانبهم لفترة، قبل أن يغادر ويقدم استقالته من المكتب السياسي. لم تكن علاقته جيدة باليازغی . لكنه كان يريد أن يتأكد هل نحن أقوياء كفاية لمواجهة الحكم، أقدر أنه بقي لتمسكه بالحزب لكنه ابتعد ليتفرغ لعمله الفكري. لم يكن الجابري رجل التنظيم الملموس والممارسة، لكنه كان محللا بارعا وقلما سيالا، وقد ظلت علاقتنا جيدة جدا حتی بعد دخولي السجن.
لنعد إلى يوم 8 ماي، ماذا حدث بالضبط؟
كتب وحكي هذا اليوم الكثير، عموما ما حصل هوأننا رفضنا إقصاءنا ومنعنا من الدخول إلى مقر الحزب، وتطور الأمور. حضر عدد من مناضلي الحزب للاحتجاج على منعهم من حضور أشغال اللجنة المركزية، ووجدنا في الباب عناصر مدججة بالعصي بتحريض من المكتب السياسي، ورغم ذلك حافظنا على هدوئنا إلى أن حضرت الشرطة ومسؤولون أمنيون كبار لتعنيفنا بإيعاز من المكتب السياسي.
تقول بعض الشهادات إن عبد الواحد الراضى حضر في إحدى السيارات الأمنية؟
قيل كلام بخصوص ذلك، لكن لم أر ذلك شخصيا، وعموما نفي الراضي ذلك لاحقا.
من اتصل بالشرطة؟
زعمت المحاضر أنه الحبيب الشرقاوى، لكنه نفى ذلك بالقطع وشهد بالعكس في المحكمة حينما طلبنا شهادته.
يروى أنك تشاجرت مع والي الرباط عمر بنشمسي خلال هذه الأحداث، وانك قمت بصفعه؟
ما حصل هو أنه حضر بمعية القوة الأمنية وقد كان يبحث عنى بالاسم على اعتبار أنني زعيم المجموعة ورأس الحربة، وحينما أمسكوا بي بدأ بضربي ولكمي وقد كنت أدافع عن نفسي وأصرخ، لكنني لم أصفعه، هذا ليس صحيحا. لم يكن الوحيد الذي قام بضربی، فقد أمر مدير الأمن الإقليمي بإنزالي من سيارة الشرطة إلى الشارع وتناوب رجال الشرطة على تعنيفي حتى شقوا رأسي بضربة عصا، وقد اضطروا بعدها إلى نقلي إلى المستعجلات، لكنهم لا يشيرون إلى هذه الواقعة.
ماذا حدث أثناء التحقيق؟
قالوا إنني المحرض وأنني قمت بجلب العصي والاعتداء بالعنف، وقد نفيت كل هذه الأكاذيب، ورفضت التوقيع رغم الضغوطات. رفضت التوقيع بناء على نصيحة وقصة حكاها لي عمر بن جلون عن تعذيبه وقد استلهمت منها العبرة. لكنهم لاحقا زوروا توقيعي على اعترافات رفضتها ونفيتها، وبموجب ذلك حكم على بالسجن لمدة ثلاثة سنوات.
هل تعرضت للتعذيب أثناء الاستنطاق؟
لا، كان هناك جمع كبير من المحققين ورجال الأمن لإرهابي وإجباري على التوقيع، لكن لم أتعرض للتعذيب. لكن بقية الرفاق تعرضوا لتعذيب شديد وهناك من اضطر للتوقيع تحت تأثير ذلك. كنت أسمع أصوات التعذيب في الغرف المجاورة.
حدثنا عن مساهمتك في تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟
هي جمعية أسسها مناضلو الاتحاد الاشتراكي سنة 1979. وقد كان تأسيسها قرارا حزبيا خالصا وكان معظم المؤسسين محزبين مع قلة من اليساريين المستقلين. كان البيان التأسيسي مهما وقويا ومسيس جدا، حيث قام بتشريح الواقع الحقوقي والاقتصادي والاجتماعي في المغرب وكذا في العالم العربي، وتحدث عن أهمية القضية الفلسطينية وضرورة التصدي للإمبريالية. أتذكر أن المؤتمر التأسيسي كان شبه سري وعقد في مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وانتخب على أومليل كأول رئيس للجمعية، لكنه انسحب سريعا. انتبهت الدولة سريعا إلى خطورة الجمعية، خصوصا أنها تبنت منذ اليوم الأول مبادئ «الديمقراطية، التقدمية، الجماهيرية، الشمولية». وهكذا منعت المؤتمرين المواليين للجمعية. وكانت تمنع تأسيس الفروع، وبالتالي، ظلت الجمعية موجودة قانونيا، لكنها محظورة عمليا إلى أن حصل الانفتاح في نهاية الثمانينات فعقدنا مؤتمرا داخليا لإعادة الهيكلة في إحدى المحلات الكنسية، ولاحقا أصبحت رئيسا للجمعية لولايتين.
كيف تصف الوضع العام في المغرب اليوم؟
الوضعية متردية جدا، وسيئة ومحتقنة إلى أبعد الحدود على جميع المستويات، سیاسیا واقتصاديا واجتماعيا وديمقراطيا وقانونيا وقضائيا.
ما العمل للخروج من هذا الوضع السوداوي" كما تصفه؟
ذلك متوقف على ما يمكن أن تقوم به المنظمات السياسية بالتضامن مع المنظمات الحقوقية والجماهيرية من أجل خلق إشعاع ووعي بخطورة الأزمة، وكذا خلق كتلة واعية مضحية النهاية. وشجاعة قادرة على قيادة قاطرة النضال حتى النهاية.
الآن ننتقل إلى شخصيات مرجعية في تاريخ المغرب، لناخذ رايك بخصوصها فلنبدا مع المهدي بن بركة؟
دینامیکی، لم يكن ينام إلا بضعة ساعات، كان يقرأ الجريدة ويحلق في نفس الوقت كما روی لي أحدهم، المهدی يمثل بالنسبة لى: القدرة على التنظيم والفعالية والتأثير والتضحية والصراحة والشجاعة في مواجهة الحكم، وهو صاحب مقولة: «لا إصلاح للحكم إلا بزواله».
ماذا عن عمر بنجلون؟
تتوفر فيه شروط التنظيم النقابي والكفاءة التنظيمية، هو من نقل الحزب الى الاشتراكية في التقرير الإيديولوجي لسنة 1975، ويمثل الاشتراكية في سلوكه ومواقفه. حينما يكون حاضرا في المكتب السياسي لا تكون هناك بيانات مهادنة، روى لي الجابري أنه عاد مرة بسرعة فائقة، ليلحق باجتماع كانت ستتخذ فيه قرارات مهادنة للنظام، ونجح فعلا في تغيير مسار هذا الاجتماع.
من المسؤول عن اغتياله في نظرك؟
المسؤولون عن قتله هم خصوم الاشتراكية والديمقراطية والتقدمية. أي النظام والإسلاميون المتحالفون معه. فقد قام النظام بشحن الإسلاميين عبر عملائه الذين أخترقوا هذه التيارات. كان الحسن الثاني دائم الشكوى من عمر بن جلون إلى بوعبيد، لأنه كان يرفض الحديث عن الجيش الملكي ويتحدث عن الجيش الوطني.
تحدثت عن واقعة حكاها لك بن جلون خلال اعتقاله، واعانتك على الصمود أثناء اعتقالك ما هي؟
أخبرني بن جلون إن الدليمي أشرف بشكل شخصي على خطفه وتعذيبه، تم جره وراء مركب وهو مقيد في البحر كنوع من التعذيب للإجباره على توقيع "اعترافات. أخبرني أنه بدأ يشرب الماء المالح ليموت حتى لا يأخذوا منه أي شیء، قال لى: «يقتلونی ظلما وما يقتلونيش بالقانون أي" بالتوقيع». كما حكى لي أن الحسن الثاني أرسل إليه، أثناء احتجازه، مبعوثين لاستنطاقه حول الحكم ليلا، فأخبرهم بشكل واضح أن الحسن الثاني هو أصل المشاكل في البلاد، وهو كلام فاجأ مستنطقيه الذين غادروا مذعورين من صراحته.
عبد الرحيم بوعبيد؟
رجل دولة.
رفيق دربك أحمد بن جلون؟
مناضل صامد، واسع الفكر إيديولوجيا مطلع على الأدبيات الاشتراكية، مخلص ومضحي وزاهد في الدنيا.
محمد الخامس؟
متعاطف مع الحركة الوطنية، لكنه عمليا كان خاضعا لتوجه الأمير سياسيا، بحيث ضغط عليه حتى أقيلت حكومة عبد الله ابراهیم.
مجلة زمان عدد دجنبر 2018
عن مدونة ghandibatma
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق