جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

وضعية عائلات ضحايا الاختفاء القسري على ضوء القانون المغربي الأسباب والمخلفات بقلم ذ :عبد السلام شاوش2019

 


بقلم ذ :عبد السلام شاوش

 «وضعية عائلات ضحايا الاختفاء القسري على ضوء القانون المغربي الأسباب والمخلفات»
I/ إفادات ومفاهيم:

I/ «أريد أبي حيا» هو جواب بليغ صادر عن طفلة ابنة الملك وائل بن ربيعة التغلبي الذي اغتاله غدرا ابن عمه من قبيلة بني بكر ونشبت بين القبيلتين حرب البسوس التي دامت أكثر من أربعين سنة خلال القرن الخامس الميلادي.

هو مطلب/تعبير يدل على جسامة مخلفات فقدان احد أفراد الأسرة بالرغم من أن مصير الفقيد كان معروفا وقبر جثمانه معلوما

فكيف تكون الحالات العديدة، المركبة والمعقدة لمجهولي المصير من نشطاء النضال السياسي والنقابي والحقوقي والخانات المتمحورة حولها ؟

لقد اعتمدت هيئة الإنصاف والمصالحة مفهوم الاختفاء القسري في محاولة لإبعاد الإرادة المبيتة لعمليات الاختطاف والحجز بأماكن سرية ولعدم إعلان مصير هؤلاء الضحايا لأعمال التسلط والتحكم والتعسف وهي أعني هيئة الإنصاف والمصالحة لم تضف عبارة القسري (الاختفاء) إلا كمحاولة ديماغوجية لإرضاء المخاطب من الرافضين لعدالة انتقائية أكثر منها انتقالية.

فالاختفاء ولو كان قسريا بهذا البعد فلا يورط بالضرورة فعل السلطة ورجالات أجهزة الدولة خاصة الأمنية منها، إذ قد يكون الاختفاء القسري لأسباب شخصية أو مادية أو تنازعية، ولا يفند هذا وذاك إلا باعتماد شخص المختفي قسرا ودوره واهتماماته والتزاماته النظرية والسياسية مواقفه من الحكم وسلطته ومن السياسة العامة للدولة.

فالأحرى أن يعتمد مفهوم الاختطاف وإتلاف آثار مصيره إلا على المختطفين كفاعلين.

والاختطاف عملية إجرامية مباشرة مخطط لها بقصد جنائي عام يهدف حربا عامة على المعارضين والخصوم السياسيين وحلفائهم وأسرهم قصد التدجين والتهميش والإقصاء داخل المجتمع والوطن والحرمان المطبق من التمتع بالحقوق والحريات.

عدم العلم بمصير المختطف او من شابه وضعه إلا أن يكون في موضوع:

*   الاحتجاز السري.

*   الوفاة بسبب التعذيب أو الحرمان من شروط المعيشة والصحة.

*   النفي والإبعاد مع الحرمان من توفير شروط التواصل والتلاقي المباشر.



II/ على أن من أسباب الاختفاء القسري:

*  صراع سياسي حول السلطة يتولى الحكم الدفاع عن موقعه بجميع الوسائل  اللا مشروعة.

*     حرب مسلحة داخلية (أهلية).

*     عملية خاطفة تجر معها رهائن بشكل عشوائي.

هو صراع لو تم الاحتكام لحسم الاختلاف بشأنه إلى قواعد البث الشعبي تطبيقا لمبادئ السيادة الشعبية لحفظت الأرواح وتعززت الكرامة وساد الحق والإنصاف.

غير أن استقواء السلطة بمقومات الدولة المتحكم فيها وبها يستضعف الخصوم في إطار الهيمنة على المجتمع والمنازعين بأسس ديمقراطية حقة.



III/ إن جرائم الاختطاف والتسبب في الاختفاء القسري تنتج عنها مسؤولية جنائية متداخلة العناصر:

       الشخص المقترف المباشر لجريمة الاختطاف والتسبب في المصير المجهول يتحمل المسؤولية المباشرة ولو كان بصدد تنفيذ أوامر رؤسائه وأجهزة الدولة التي تستوظفه.

       فالمسؤولية والحالة هاته يتم تشطيرها بين الشخص والدولة (225 – 231) غير أنه في حقيقة الأمر فالشخص لم يكن إلا أداة التنفيذ، فالمسؤولية الحاسمة في القرار السياسي المتخذ ضد ضحية الاختطاف.

       وإذا كانت هيئة الإنصاف والمصالحة انصبت على التعويض في استغلال بشع للمآرب المادية ولتوظيف سياسي بغاية بلبلة النضال والصراع السياسي، وكان الأحرى استعراض حقائق بشأن الفاعلين المباشرين وقوائم بأسماء مصدري القرارات بارتكاب الأفعال الإجرامية: اختطاف أو نفي أو اعتقال وتعذيب وتقديم الجميع للمحاكمة.

       ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة هو محاولة محو جرائم الاختطاف وتناسي وضعية عدم العلم بالمصير للمختفين قسرا، وذلك بتغرير العائلات وتضليل العدالة وحماية المجرمين والتستر على الدولة وأجهزتها ومصدري القرارات القمعية والترهيبية.

       لذلك توفق المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف في مطالبه إلى جانب بعض الهيآت الحقوقية المناضلة في ضرورة تحقيق، في نظرنا، على الأقل:

*   اعتذار الدولة.

*   جبر الضرر الجماعي في أبعاده المتعددة.

*   التأسيس الفعلي للديمقراطية الحقة ومأسسة الحكم والسلطة.

* مع كشف كل الحقيقة حول كل الأحداث والوقائع والمسؤولية الفردية والجماعية عما حدث ووقع.

*  الكشف عن كل الحالات المعلقة أو المعترض على كشفها وفي مقدمتها: الرئيس المهدي بنبركة، المانوزي، عبد اللطيف زروال .... الأستاذ الصالحي المدني المحامي بأكادير الذي اقتطف منذ 14/05/1986 وآخرون.

*  غير إن ممانعة السلطة عن عدم الالتزام بعدم التكرار يفضح طبيعتها التسلطية منذ 2011 وقد تغيرت أدبيات القمع وأسلوب احتكار السلطة.

       في المقابل يتعين تثوير المواقف وآليات الصراع الطبقي-الاجتماعي في إطار جبهة وطنية ديمقراطية تقدمية شاملة للسياسي والنقابي والحقوقي والثقافي تقود مشروعا مجتمعيا متكامل التصميم، بديلا لما هو قائم مع اعتبار تحولات عالمية تراجعية مشجعة لسياسات التحكم بالدول التابعة.

       هذه الأجواء لا تشجع على انتزاع نبل الأهداف منها الحقوقية وتكرس انتكاسة الضحايا والمحيطين بها.

       إن الشرط الذاتي الأعلى حسما هو المبادرة التي تفتقدها جميعا.



ثانيا: أوجه الآثار

        I/ الآثار العامة لعمليات الاختفاء القسري

             1/ بالنسبة للسلطة ومرتكبي الاختطاف والإخفاء القسري:

*   فهي تتلذذ ساديا أو إراديا بالتخلص من المعارضين و«العدميين» كما أصبح يطلق كمفهوم لا علمي ولا عقلاني.

       في هذه العملية: إقصاء وكراهية وتمييز فيما بين المواطنين وهي جرائم ضد الإنسانية إن موقف وممارسة السلطة وأجهزة الدولة المنفذة ينتقل ليعم عائلات الضحايا كما أنها ممارسة سياسية تخلق بلبلة داخل المجتمع ووسط أي مجال خالطه وعاشره المناضل ضحية الاختفاء القسري.

*    خارج المصداقية والصراحة تبادر الأجهزة الحقوقية لإعلان بيانات كاذبة بالتبرير او التكذيب بشأن واقعة الاختطاف ممارسة للتضليل كأبشع صور القمع والترهيب، خاصة في استغلال للأمية والاستتباع.

#       وفي أحسن الأحوال يعتمد التجاهل وعدم الإخبار في محاولة لإبعاد تورط الدولة في العملية التي تتم في سرية مطبقة والفاعل يتنكر إلى أن يقترب موعد منيته فيعلن ما يستطيع قوله وهو يخاف ما قد تتعرض له أسرته. فتنقلب الآثار على الفريقين جهة المختطف وجهة المختطف ومحيطهما.

#       إن هيئة الإنصاف والمصالحة إنما هي كانت من الآثار السلبية في كل الاتجاهات لوقوفها عند منتصف الطريق والإنجاز ولاستمرار التحكم والتعسف.



             2/ بالنسبة للمجتمع:

       يتلقى الوسط الاجتماعي نبأ الانتهاكات ولاسيما واقعة الاختطاف حدثا ووقعا بمختلف وسائل ووسائط الإعلام والتواصل.

#       تختلف ردود الفعل بين الصدمة، والقبول بالواقعة بالنظر لطبيعة السلطة وحالة العود المتكررة لها عبر تاريخ الدولة البوليسية المخزنية. فاختلاف التفاعل يرجع لعامل درجة الوعي والالتزام السياسي والنضالي لكل متفاعل على حدى.

#       لقد سجلت الحركة الحقوقية المناضلة وعائلات الضحايا للانتهاكات الجسيمة مواقف الاعتبار لهؤلاء بفضح تلك الممارسات وكشف بعض الحقائق ذات الصلة.

#       ولقد احتضن المجتمع هذه الفعاليات بدرجات متفاوتة دون الارتقاء إلى ما يجب إنصافا للضحايا وأسرهم.

#       ولئن كانت الانتهاكات بما فيها الاختطاف وقود التصعيد الصراع الاجتماعي وشحن النضال التصاعدي قصد التغيير وفق قواعد الارتقاء والتجاوز للثورة كما سجلها تاريخ الثورات السلمية منها او العنيفة.

 #      غير أنه بالمغرب فمجتمع الإكراه كرس الملاحظة والمتابعة دون المبادرة او حتى رد الفعل لإيقاف التعسف والتحكم والتسلط.

#       إلا أن السلطة تربح من القمع الفردي تعميم الردع بعيد المدى والعمل على هيمنة التخويف والترهيب وتشطير مكونات وأفراد المجتمع بين المدجن والمهمش.

#       السلطة أيضا تضمن هيبة الدولة بالتلاعب بمقومات الإطار السياسي والإطار الأمني.

#       فهي بذلك تسيج المجتمع بسياج الحصار والرعب وتقرب لها نخبة المجاملة.



II/ الآثار الخاصة والعامة المباشرة على عائلة المختطف:

       1/ جدلية الافتقاد والأمل في الملتقى مكانا وزمانا:

#       بقدر ما تتحرق أسرة المفقود بقدر ما تتشبث بأمل اللقاء معه وفي ذلك تبذل كل الجهود الممكنة بالبحث عنه أو المطالبة بالكشف عن مصيره لدى كل جهة ذات صلة بالاختطاف او الاختفاء.

#       تتلقى الأسرة هجمات السلطة من قبل التأنيب والتوبيخ (حالة أسرة بلا فريج) ومن شابه نظر للقرب من مواقع السلطة فيكون العقاب ولا شفاعة القرب أو الخدمة للمخزن والسلطة علياه، وأكثر نموذج هنا هو أسرة بوريكات.

#       هي آثار على أصعدة عدة منها:

*   نفسية.

*   مالية.

*   اجتماع الأسرة.

*   قيام كل فرد بالأسرة بعمله أو دراسته.

*  مدى قدرة الأسرة فرديا أو جماعيا بالتحرك (حرية التحرك والاجتماعات وعموما النضال).

*   انتكاسة التمتع بالحقوق: مضايقات: السكن، الصحة، التعليم، العمل.

*   باختصار امتداد الانتهاكات إلى العائلات وإن لم يرتكبن مخالفة او ما يستوجب الجزاء.

وأحيانا ممارسة الاكراهات لتوافق يرضي السلطة بدون مقابل الإعلام عن مصير المختطف، ويتم ذلك خاصة مع عائلات مجهولي المصير من المواطنين غير المنتمين للتنظيمات يذكر أن من قتل ودفن سرا من طرف السلطة فيعد طبعا مختفيا قسرا.



2/ كيف تحمي الدولة/السلطة عناصر أجهزتها مرتبطة بالاختطاف وغيرها من العمليات:

توترت الدولة/السلطة على جزاءاتها وتكريمها لخدامها المتورطين في عمليات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتصفية المعارضين وذلك من خلال:

*   الارتقاء في درجات السلطة المخزنية أمنيا، عسكريا ...

*   الجزاء المدني/السياسي بالتمكين لهم في مؤسسات الدولة كالحكومة بدعوى كفاءة التقنوقراط، أو العضوية بالبرلمان كمجموعة ناجية في الاقتراع.

*  التكليف بمسؤوليات المكاتب الوطنية أو الشريفة ذات الأموال مجهولة المآل.

*  الانتفاع اقتصاديا من الضيعات الفلاحية بالحلول تملكا محل شركات ربما كانت أكثر نفعا في المجال الفلاحي أو الفلاحي/الصناعي/التجاري.

*    التفويت للأراضي بمبلغ رمزي في إطار خوصصة الملكية العقارية.

3/ الإفلات من العقاب أو حماية المتورطين في جرائم موضوع الندوة:

غير إن أقوى خدمة تقدمها الدولة/السلطة لمقترفي الإجرام مقابل خدماتهم لها هو حمايتهم من أية متابعة قضائية أمام المحاكم المحلية أو الدولية وهو ما يصطلح عليه بالإفلات من العقاب بقرار سياسي وقانوني كما وقع لما أصدر البرلمان قانون يمنع أية متابعة او مساءلة لحاملي السلاح بمناسبة ارتكابهم أية عملية ولو كانت إجرامية، والمغرب في هذا يلتقي مع دول رأس الإمبريالية.

وكما سبق أن قلت في ضيافة البرلمان الأوربي يوم 9 أبريل 2014 «إن الاختطاف أي الاختفاء القسري مع الإفلات من العقاب يعتبران المستوى الأقصى لانتهاكات حقوق الإنسان»:

        «La disparition forcée et L’impunité sont le stade suprême des violations des droits humains ».



       تنقلب المسؤولية المؤكدة المشفوعة بالمحاسبة مبدئيا على الدولة/السلطة نفسها خاصة مع تراكم التحولات المتسارعة عالميا وتضخم التفاعلات الداخلية بالبلاد والخارجية.

       إن هذه الدولة ترتعش بارتجاف مسؤوليها والمتورطين في الانتهاكات وخرق القانون والحقوق من:

*   نشر الانتهاكات بأية لغة أجنبية.

*   نشر التقارير حول الموضوع من طرف الهيآت الحقوقية والدبلوماسية الدولية.

*  نشر المواقف الناتجة عن دراسات لأوضاع الحقوق والحريات بالمغرب وذلك في إطار مجالس ومؤسسات ووكالات متخصصة دولية خاصة ذات الارتباط بهيئة الأمم المتحدة.

*    التخوف من مضايقات اقتصادية او سياسية للدولة من الخارج.



III/ أية دولة وأية قوانين في ظل أي دستور ؟

       1/ خلال أحد الاعتقالات دون محاكمة منتصف السبعينات من القرن الماضي بالدائرة الأمنية بلاس بيتري خاطبنا ضابط شرطة سياسية بقبوله أنقله بأمانة:

       الملك له: حكومة وبرلمان وجيش ودرك وشرطة وأبناك وتأمينات ...

       وأنتم ما لديكم ؟

       لكنه نسي القول بأن له محاكم وقضاء وقوانين ...

2/ نعم الدولة/السلطة توظف جميع أجهزتها في الصراع السياسي العام وهي بذلك مجرد أداة قمع وتضليل كما أنها أداة حكم وفق ما أوردته النظريات الثورية.

       3/ غير إنه في المقابل فعلى الدولة/السلطة مسؤوليات إلزامية تجاه الشعب والمواطنين والفئة التي تعنينا في هذه الندوة عائلات ضحايا الاختفاء القسري.

       هذه الفئة قد تضيق او تتسع وفق متغيرات العدد والقرابة من المختطف؛

       4/ فلئن تكون على الدولة ضمان الأمن والأمان والسلم والسلام والسكينة بتوفير كافة الشروط الكافية والملائمة للحياة الكريمة، وتفادي الاختفاء القسري،

       فإن شرط الطبقية والمصلحة يجعل ممارس السلطة فارزا للإقصاء.

أ/ ويكون بالنتيجة الأولى إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بالكشف عن مجهولي المصير والاعتذار والتعويض ومحاسبة ومحاكمة من يجب.

ب/ دستوريا تكون السلطة وأجهزة الدولة منتهكة لطبيعة الدولة ومؤسساتها وفق مواصفات الدستور نفسه وهي:

دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون طبقا للفقرة الأولى من التصدير.

كما أن قول الدستور بارتكاز هذه الدولة على مبدأ المشاركة وإشراك المواطنين في تدبير الشأن العام يجعلها أمام أمرين عند ارتكاب وقائع الاختطاف وعدم تقدير أسرة المختطف كأنها سلطة لا دستورية وبالتالي فاقدة الشرعية، خاصة عند انتهاك مبدأ المجتمع المتضامن مما ينتج عنه من فقدان تلمس الأمن والحرية والكرامة والمساواة.

ومما يضاعف تقصير دولة والحالات هاته تجاه التزامها بمواثيق المنظمات الدولية: مبادئ وعهود ومواثيق حقوقية.

إن وصف نظام الحكم بالطابع الاجتماعي وسمو القانون يبقى يافطة إشهارية تخفي معاناة ضحية الاختفاء القسري والمعاناة المضاعفة لعائلته كما هو الشأن تماما بالنسبة لمسؤولية الدولة في توفير الأمن الأسري وشروط التعليم والتشغيل والصحة والسكن اللائق.

وإذن فالسلطة صانعة دستور غير مقبول ديمقراطيا، تكون صانعته هي الأولى في انتهاك مقتضياته بما في ذلك المادة 42 ومسؤولية الملك في حماية الحقوق والحريات ولاسيما عائلات المختطفين، ولذلك أقول إن على وارث سر أبيه كشف حقائق المختفين قسرا ولاسيما الرئيس المهدي بنبركة والمفقود المانوزي الحسين وغيرهما.

ج/ في القوانين العادية وبحكم استرادها من دولة الاستعمار فقد نقل إلى المغرب نصوص متأثرة بنسمات الحقوق وإن تم التلاعب في ترجمتها إلى العربية مما يساير الخصوصية المغربية اللاعلمانية خدمة للتسلط والتحكم ومع ذلك نجد نصوص رادعة للاختطاف والاحتجاز والتعذيب ويعاقب مقترفيها من موظفين وقضاة ومن شابههم غير أن هذه العقوبات وقبلها المتابعات لا تلاحق الأجهزة كما تحصر مسؤولية الدولة التابع لها الموظف مرتكب الجريمة في الشق المدني والتعويض لذوي الحقوق (225 – 232) و(237 – 240) عند إنكار عدالة إنصاف عائلات المختفي قسرا عند الاقتضاء.

لقد خصص القانون الجنائي تحت عنوان الاعتداء على الحرية الشخصية فصول 436 وما بعده للاختطاف، والتعذيب والاحتجاز غير أنه حصر العمليات الإجرامية هاته في حدود جرائم الحق العام دون تأطيرها وإقرانها بأسبابها السياسية او ممارسها من طرف رجالات الدولة الأمنيين او تنفيذا من أجهزتها لقرارات سلطوية.

وفي المسؤولية المدينة فإن قانون الالتزامات والعقود يجزئها قطاعيا (كل إدارة) على أن ترجع الدولة بواسطة دعوى الاسترداد على موظف الإدارة وهنا كذلك يحصر القانون العمليات في الشق العادي دون السياسي.

وبالنتيجة فإن العائلات التي ضاع منها المختطف لا تجد حماية قانونية لها ولتحركاتها للمطالبة بالكشف عن مصير المختفى قسرا كما لا تجد ضمانات تؤهلها قانونا لبلوغ الغاية بالرغم من المادة 27 من الدستور حول الحق في المعلومة.

لأن الدولة لا تقر بوضعية المختطف فإنها متجاهلة بالنتيجة لوضعية عائلته، ويبقى عبء إثبات تلك الوضعية او اللاحقة عليها على العائلة نفسها.

كما أن المسطرة الإجرائية التي تطبق هي قواعد عادية مندرجة ضمن الحق العام أي ضمن علاقة مواطن بمواطن خلاف بينهما لأسباب تهمهما (المختطف والمختطف).

وعليه فإن إنكار الدولة بكل أجهزتها السياسية والقانونية والقضائية لواقعة الاختفاء القسري وإبعاد المسؤولية عنها فهي تتجاهل وضع العائلات.

أما ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة فلم يكن إلا حالة استثنائية سميت بعدالة انتقالية تمحي جروح الماضي أطلق عليها سنوات الرصاص تمهيدا لمرحلة جديدة مبدؤها «الصفح الجميل» الذي طالب به الملك وكان احد ردود الفعل ما ورد على لسان احد الناجين من معتقل تازمامارت بالقول: «هو عفا ونحن عفونا».

إن عائلات مجهولي المصير تجد نفسها أمام صعوبة حادة في إثبات وضعية المختطف، وذلك بمناسبة رفع دعوى جنائية لمتابعة المسؤولين المباشرين كأشخاص على الجريمة.

وأما إن رفعت الدعوى ضد الدولة كشخص اعتباري فصعوبة الإثبات كذلك أقوى إذ يتعين تحديد المسؤول وإن كان شخصا معنويا كجهاز الأمن مثلا علما أن من سيتولى البحث والتحقيق هو نفس الجهاز فنكون أمام حاكم هو نفسه الخصم وإن رفعت الدعوى ضد مجهول.

أما رفع الدعوى أمام المحكمة الدولية بالشرط عائق والحق مؤجل والإنصاف مفقود وليس الأمل إلا في النضال والتبعات على المطالب والموافق.

إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي حل محل هيئة الإنصاف والمصالحة قد ثبت عدم تواصله مع العائلات بخصوص الحالات العالقة والقضايا المتجدد، كما انه أوقف الأبحاث والتقصي.

وبذلك تتأكد عدم جدية مثل هذه المؤسسات.

كما أنه لم يلتزم هو وغيره من الأجهزة ذات الصلة بحقوق الإنسان بتقديم التقارير دوريا.

إن الاختطاف لازال يمارس ولو لمدد قصيرة مثل حالات الاعتقال سريا لمدة طويلة خارج القانون قبل التقديم للمحاكمة وفي ذلك لا يتحرك أي جهاز حقوقي للدولة.

الرباط في: 24/05/2019

ندوة من تنظيم  فرع الرباط للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف

25 ماي 2019 بمقر الاتحاد المغربي للشغل
بعنوان 
«الاختفاء القسري بالمغرب والآثار القانونية والاجتماعية

على عائلات الضحايا وعلى المجتمع"

عن مدونة
batmaghandi.blogspot

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *