تقارير أمريكية: الوفد الأوكراني طُرد من البيت الأبيض/زيلينسكي ليس بطلاً ..هاني عرفات
تقارير أمريكية: الوفد الأوكراني طُرد من البيت الأبيض
مشادة كلامية بين ترمب وزيلينسكي خلال اجتماعهما في البيت الأبيض
زيلينسكي ليس بطلاً ..
الرئيس الاوكراني ڤلاديمير زيلينسكي، نال إعجاب كثير من الناس و تقديرهم و تعاطفهم أيضاً ، لوقفته ( البطولية) أمام الرئيس الاميركي و نائبه ، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في البيت الأبيض ، و الذي انتهى بطرد الرئيس الاوكراني شر طردة ، و حتى دون السماح له بتناول وجبة الغداء التي كانت معدة لهذا الغرض.
لكن و دون الانتقاص من حق الرجل ، فإن طرامب و نائبه ، لم يتركا أمامه خياراً آخر ، إما أن يكون (بطلاً رغم أنفه) أو أن يواجه، أقلها حكم بالإعدام السياسي ، عندما يعود إلى بلده.
الغرض من الزيارة إلى البيت الأبيض ، التي كما يقال ، توسط له بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، كان من أجل توقيع اتفاقية المعادن الثمينة ، والتي تقدر ثروة أوكرانيا منها بتريليونات الدولارات .
بالمناسبة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ، وفي عهد الفاسد بوريس يلتسين ، تم بيع نصف الصناعات الثقيلة الروسية في حينه للغرب، بمبلغ يقارب الستين مليار دولار ، و حصلت أمور مشابهة في كثير من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.
على أي حال ، فإن اتفاق بيع المعادن الثمينة الاوكرانية ، كان الغرض منه ، استرجاع قيمة المساعدات العسكرية الاميركية، التي يدعي طرامب ، أنها بلغت ثلاثمائةو خمسون مليار دولار اميركي، فيما يقول المسؤولون الأوكرانيون أنها مئة مليار ، و يقدرها آخرون بأنها حوالي المئة وعشرين مليار .
و برر طرامب طلبه باسترجاع هذه ألأموال ، لأن مساهمة أوروبا في الحرب كانت على شكل قروض مستردة ، فيما الوضع كان مختلفاً في الحالة الاميركية.
المهم أن زيلينسكي وجد نفسه، في وضع لم يعتد عليه من قبل، فهو كان البيضة الذهبية ، أو لنقل البقرة المقدسة، التي تعامل معها القادة الغربيون ، بنوع واضح من الدلال خلال سنوات الحرب تحديداً. وهو كان مستعداً لأن يلبي رغباتهم كلها، بما فيها أن يحارب لاجلهم حتى آخر جندي أوكراني.
طرامب و نائبه من ناحيتهما، كانا يعرفان تماماً ، خلفية الرجل و يعلمان أن دوره هو أن يؤمر فيطيع ،و تعاملا معه على هذا الأساس ، ببساطة عليك أن تعطينا ثلثي معادن بلادك و ثلث أراضيك لروسيا ، و سوف نقوم بوقف إطلاق النار هناك، وأنت لا رأي لك في كل هذا، هكذا بكل بساطة .
فقط للتذكير ، المفاوضات الاولية بخصوص وقف إطلاق النار في أوكرانيا ، تمت باستبعاد الحكومة الاوكرانية منها ، لمن لا يذكر.
حاول زيلينسكي أن يلعب لعبته المعتادة مع الإعلام ، بالحديث عن أطفال مخطوفين ، و انه لا يمكن الثقة بروسيا ، فقاطعه طرامب على الفور قائلاً: إنه يريد مني أن اكره بوتين ، و يظل يكرر هذا الموضوع ، كيف يمكن فعل ذلك ونحن نحاول التوصل لاتفاق معه.
وهنا وقع زيلينسكي في المحظور ، عندما عاد الى الوراء أحد عشر عاما ، بما فيه مروراً على عهد طرامب الاول.
هذا لوحده كان كافياً لإثارة غضب الرئيس الاميركي و نائبه ، و توالت الاهانات له ، الاهانة تلو الاخرى، فيما الرجل يحاول جاهداً الإجابة بطريقة لبقة و تحفظ ماء الوجه.
و من ضمن ما قيل له من قبل نائب الرئيس الاميركي: لقد أتيت إلى بنسلفانيا لتشارك في الحملة الانتخابية لخصومنا …
وقال أيضاً :أنت لم تقل حتى كلمة شكراً على كل ما قدمناه لكم ، ولا يجوز ان تتحدث هكذا أمام الإعلام الاميركي..
أما الرئيس الأمريكي فقال: أنت لا تملك الكثير من الأوراق ، و حينما رد زيلينسكي بأن المسألة ليست مسألة لعبة ورق.
أوضح طرامب أنه يعني المقامرة بشعبه ، والمقامرة باشعال حرب عالمية ثالثة.
لكن أخطر ما قيل ، كان على لسان ڤانس ، الذي قال: أنتم لم يعد لديكم جنود ، كيف سوف تحاربون ، و سأله قل لي هل لا زالت لديكم إمكانيات تجنيد جنود جدد .. لا يوجد.
تصريحات كهذه ، تخص دولة يفترض ان تكون حليفة أو تابعة لا يهم ، أمام الإعلام أثناء الحرب ، لا تعني إلا شيئاً واحداً فقط ، أن اميركا لم تعد مشاركة في هذه المعركة ، و أن ظهر زيلينسكي أصبح مكشوفاً تماماً ، ولم يعد أمامه خيار سوى الانصياع لارادة سيد البيت الأبيض.
صحيح أن كل من هو مشارك في هذه الحرب، الأوروبيين، الاميركيون و زيلينسكي ، يعلمون تماماً أنهم لا يستطيعون الاستمرار بدون اميركا. لكن ما لا يدركه طرامب و نائبه ربما ، هو كيف لهذا التصرف أن ينعكس على حلفاء اميركا في اوروبا .
أدرك زيلينسكي و طاقمه بعد فوات الاوان أصلاح الامر حسب ما ذكرت وسائل اعلامية، بالاعتذار من طرامب ، إلا ان إلاخير لم يمنحه أي فرصة و طرده على الفور من البيت إلابيض.
أعتقد أن
ألأمور لم يخطط لها ان تسير على هذا النحو، لكن طرامب و نائبه الذي يفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية ، مثل كثيرين من طاقم طرامب نفسه ، أدت الى انزلاق الأمور إلى هذا المنحى. رغم أن الأمر راق لطرامب في النهاية ، و هو الذي يحب أن يكون كاسراًً لما هو معتاد ، لكي يظل في مركز الإعلام و حديث الناس. كما أنه أراد أن يلقن درساً ليس لزيلينسكي فحسب ، بل لقادة أوروبا و قادة آخرين حول العالم ، ممن وضعهم حظهم التعس ، أو سوء أعمالهم ، أن يقعوا تحت رحمة طرامب ، مثل المدلل زيلينسكي، و كما يقول المثل : إضرب المربوط .. يخاف الفالت.
وقف إطلاق النار في أوكرانيا مسألة وقت ليس إلا ، و على الشروط الروسية ، هذا اصبح واضحاً ، و زيلينسكي الكوميدي انتهى بشكل تراجيدي، فهو اما ان يسير وفق ما خططه طرامب أو يستقيل أو يقال ، و ربما أقل الضرر لأوكرانيا يأتي من تغيير النظام هناك ومن ثم الذهاب إلى موسكو ، فهي أقرب وقد تكون أرحم. هذا إذا كان هذا الخيار ما زال قائماً.
أما بالنسبة لأوروبا ، التي لم تتعلم الدرس من رئاسة طرامب الاولى ، و تعاملت معها كنزوة لن تتكرر ، فإنها تدرك الان أن الطرامبية ليست نزوة عابرة ، إنما بداية عصر جديد حتى بعد مرور زمن و إختفاء طرامب من الحلبة السياسية.
يظل السؤال العالق والمهم ، ماذا قدم بوتين لطرامب مقابل كل هذا ، و كيف يرى طرامب دور روسيا مستقبلاً، في الصراعات السياسية والاقتصادية العالمية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق