جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الرئيس الفرنسي شارل ديغول واختطاف المهدي بن بركة

 

الرئيس الفرنسي شارل ديغول واختطاف المهدي بن بركة

يُعدّ موقف الرئيس الفرنسي شارل ديغول من قضية اختطاف المهدي بن بركة أحد أكثر الجوانب حساسية وتعقيدًا في هذا الملف الشائك. فبينما كان بن بركة مختطفًا على الأراضي الفرنسية، كانت سمعة فرنسا وسياستها الخارجية على المحك.


موقف ديغول من القضية:

  1. الغضب الشديد والإحساس بالخيانة: فور انكشاف تفاصيل عملية الاختطاف وتورط عناصر من الأجهزة المغربية والفرنسية (بما في ذلك عملاء استخبارات)، أظهر ديغول غضبًا شديدًا. كان يعتبر ما حدث إهانة لسيادة فرنسا على أراضيها، وخيانة للثقة من قبل حلفاء مثل المغرب، ومن قبل أجهزة الدولة الفرنسية نفسها. لم يكن ديغول على علم مسبق بالتفاصيل الكاملة للمؤامرة.

  2. أمر بالتحقيق الصارم: أصدر ديغول تعليمات صارمة بفتح تحقيق قضائي واسع النطاق لكشف ملابسات القضية ومعاقبة المتورطين. لقد دفع بنفسه باتجاه الملاحقات القضائية التي طالت شخصيات فرنسية ومغربية، وأدت إلى محاكمات علنية مثيرة للجدل. هدفه كان إظهار أن الدولة الفرنسية لن تتسامح مع هذه الجريمة على أراضيها.

  3. تأثير على العلاقات الفرنسية-المغربية: أدت قضية بن بركة إلى أزمة دبلوماسية حادة بين فرنسا والمغرب. أمر ديغول بسحب السفير الفرنسي من الرباط، وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وعلّق المساعدات الفرنسية للمغرب. توترت العلاقات بشكل كبير، واستمرت هذه القطيعة أو البرودة لفترة طويلة، ولم تعد العلاقات لطبيعتها إلا بعد سنوات.

  4. تطهير الأجهزة الأمنية: كشفت القضية عن اختراقات وتجاوزات داخل الأجهزة الأمنية الفرنسية، خاصة في جهاز الاستخبارات الخارجية (SDECE). دفع ديغول باتجاه إعادة هيكلة وتطهير داخل هذه الأجهزة لمعالجة الخلل ومنع تكرار مثل هذه الفضائح.

  5. المطالبة بالحقيقة: ظل ديغول مصممًا على كشف الحقيقة وراء اختفاء بن بركة، رغم تعقيدات القضية ورفض المغرب تسليم المتهمين الرئيسيين مثل أوفقير والدليمي.


تصريحات ديغول الشهيرة:

أظهر ديغول موقفه بوضوح في مؤتمره الصحفي الشهير في فبراير 1966، حيث وصف القضية بأنها "صغيرة" مقارنة بالأحداث الكبرى في العالم، لكنه شدد على أنها "فضيحة لا تُطاق" (une affaire insupportable) بسبب تورط أجهزة الدولة فيها. هذه العبارة لخصت موقفه الرافض بشدة لما حدث.

باختصار، لم يكن شارل ديغول متورطًا في التخطيط أو تنفيذ اختطاف المهدي بن بركة. على العكس تمامًا، فقد رأى في هذه العملية إهانة لسيادة فرنسا وكرامتها، واتخذ إجراءات قوية على الصعيد القضائي والدبلوماسي وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لإظهار رفضه لهذه الجريمة ومحاسبة المتورطين.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *