نزع سلاح المقاومة خط أحمر...!عمران حاضري
نزع سلاح المقاومة خط أحمر...!
قراءة في مشروع نزع سلاح
المقاومة في لبنان في ظل المحاصصة الطائفية وسياقات أجندة الشرق الأوسط الجديد الأطلسية العدوانية...!
لم تكن نوايا نزع سلاح المقاومة في لبنان يومًا بريئة و تعبيراً عن رغبة في بناء دولة مدنية حديثة كما يسوقون ، بل ظلّ هذا التمشي يتخذ اشكالا ملتبسة و مخادعة لمحاولة سحب البساط من المقاومة خدمة لأهداف طبقية و أجندة تتجاوز حدود لبنان ، تستبطن طموحات قوى الهيمنة في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة على أنقاض ما تبقى من نبض مقاوم... في بلد يعيش على وقع التبعية والمحاصصة ، في ظل نظام طائفي موروث منذ عقود ، حيث يتحول السلاح الذي صان الأرض وحرّر الجنوب وردع العدوان، إلى متّهم دائم في محكمة القوى المرتبطة بالخارج، فيما تعفى أدوات النهب والارتهان و انتهاك السيادة والإفلاس من كل مساءلة....!
لبنان، الذي لم يعرف في تاريخه الحديث دولة وطنية فعلية بقدر ما عرف "محاصصة طائفية" موزّعة على الجغرافيا السياسية، لا يمكن له أن ينتج إجماعًا سياديًا في بنية تتحرك بحسب إملاءات السفارات لا إرادة الشعب فى كافة أبعادها... وفي هذا السياق، تصبح المقاومة شوكة في حلق "التوازن الطائفي الزائف" ، وعقبة أمام الاجندات الدولية المرسومة بعناية في دهاليز البيت الأبيض ومكاتب الأمن القومي للاحتلال و أروقة الحلف الأطلسي...!
فالدعوة إلى نزع سلاح المقاومة ليست دعوة إلى حصرية القرار العسكري بيد الدولة كما يزعمون ، بل إلى حصرية القرار السياسي بيد مشروع التبعية، وإلحاق لبنان نهائيًا بمنظومة التطبيع المشرعنة للاستعمار الاستيطاني في فلسطين...!
تتقدّم هذه الأجندة ضمن هندسة أمريكية صهيونية قديمة–جديدة، اسمها "الشرق الأوسط الجديد"، مشروع يهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى كيانات طائفية وإثنية متناحرة، تُدار عبر اقتصاد ريعي هشّ، وتُراقَب عبر الكيان الوظيفي الص.هيوني ، وتُربط عبر صفقات الغاز و النفط والتط.بيع والثروات المنهوبة بمحور الهيمنة... وفي هذا السياق بالذات، يُراد للبنان أن يخلع عن نفسه ثوبه المقاوم، ويكتفي بدور المتفرج على المذبحة المستمرة في فلسطين و عربدة الكيان في الجنوب اللبناني ، بعد أن دمرت سوريا، وأُغرقت العراق، وشُرذمت اليمن، و دمرت ليبيا وتمّ تدجين النظام العربي الرسمي بعدة آليات و من أبرزها صندوق النقد الدولي كآلية للإستعمار الجديد...!
ليس سلاح الم.قاومة في لبنان، إذًا، مجرد ملف لبناني داخلي، بل هو في صميم مسار حركة التحرر الوطني و موقع متقدم في معركة منع أي تسوية تصفوية كبرى تستهدف القضية الفلسطينية و المنطقة العربية من بوابة بيروت ودمشق ... إنه ورقة قوة في يد من لا يملكون سوى إرادة الصمود في وجه مشروع الهيمنة الص.هيو أمريكية الأطلسية و في مقدمتها الصراع على الموارد المائية و النفطية و الغازية أساساً و ايجاد طريق موازية إلى طريق الحرير الصينية تربط حيفا بالهند و تربط الكي.ان المحتل باروبا... ومن هنا، فإن استهداف هذا السلاح لا ينفصل عن الحصار الاقتصادي و حرب الموارد ، ولا عن الانهيار المالي المدبّر، ولا عن هندسة الفوضى الطائفية ، ولا عن تسويق خطاب التخويف الطائفي من "هيمنة السلاح الشيعي"، في محاولة لتقزيم قضية المقاومة إلى مشكلة طائفية داخلية... !
غير أن هذا المشروع، وإن بدا مدعومًا بأدوات المال والإعلام والتدخل الخارجي، يظل يصطدم بجدار الحقيقة: أن السلاح الذي حرر وصدّ و دافع عن أرض لبنان و شعبه ، له مقاومة متماسكة و تملك عناصر القوة و حاضنة شعبية قوية بالتالي ، لا يمكن أن يُقايض بمؤسسات منهارة ونظام عاجز وسلطة في غالبيتها متواطئة حيث يحرص رئيس الحكومة الحالي على تنفيذ الخطة الص.هيو أمريكية الأطلسية في نزع سلاح المقاومة وهو أمر يتنافى مع الاتفاقيات السابقة بما فيها إتفاق الطائف والذي ينص على مقاومة العدو بكل الأشكال ... ! و ما يتناساه المطبعون و المهرولون نحو مساعي نزع السلاح ، أن نزع السلاح هو "سلخ" المواطن اللبناني و كذلك المواطن العربي من جذوره و كرامته و سطو على حقوقه و انتحار أخلاقي و إنساني قيمي ونفي للعقل و التاريخ...!
فالمقاومة لم تُولد من رحم الصفقات و التسويات المشينة المنتهكة للقرار السيادي ، بل من عجز الدولة و دماء الشهداء وكرامة الوطن ، وهي ليست فائض قوة طائفية بل استحقاق إنساني قيمي و ليست ترفا لدى بعض النخب و الشرائح الاجتماعية بل ضرورة تاريخية إنسانية وجودية و قيمية في زمن التطبيع و "التكويع" و التجويع و تطويع السيادة ومحو الذاكرة النضالية التحررية للشعوب...!
بالتالي ، الدفاع عن المقاومة ، ليس تقديسا للسلاح ، بل رفضاً لتسليم لبنان إلى محرقة التطبيع و الحاقه بسوريا بعد إسقاط الدولة السورية و تمكين "الديموقراطية الداعشية" من الحكم... و كذلك رفضاً للأجندة الأطلسية و خرائط الوصاية و الإذعان ، الجديدة التي تُرسم على أجساد الأطفال في غزة، وخرائب حلب ، وجراح
القدس... !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق