الحزب الشيوعي المصري التوجهات العامة لوثيقة "استراتيجية الأمن الوطني للولايات المتحدة الأميركية - ٢٠٢٥"
الحزب الشيوعي المصري
الوثيقة مرتبطة برؤية ترامب لإعادة القوة الأمريكية في مرحلة تعدد الأقطاب!!
اعتراف أمريكي بانحسار عهد الهيمنة الأمريكية أحادية القطب على العالم
تركيز الدور الأمريكي على نصف الكرة الغربي وأمريكا اللاتينية
إعادة توزيع الوجود العسكري الأمريكي في الخارج وتحميل الحلفاء بنفقات دفاعهم
عدم السماح لقوى معادية بالهيمنة على الشرق الأوسط وضمان وصول سلاسل إمدادات آمنة
الصين هي الخطر الأكبر ويجب إقامة علاقات متوازنة معها ورفض التغير الأحادي في تايوان
"الشيوعي المصري" يؤكد:
التغير العالمي يوفر ظرفاً مساعداً للتخلص من التبعية والشروع في تنمية وطنية
يكشف التوجه العام لوثيقة "استراتيجية الأمن الوطني للولايات المتحدة الأميركية – الصادرة في نوفمبر ٢٠٢٥" عن المحاور الرئيسية التالية:
أولاً- أن الوثيقة التي أعدها ترامب، مرتبطة برؤيته الشخصية. في صدارة الوثيقة يقول ترامب: "على مدى الأشهر التسعة الماضية تمكنا من انتشال وطننا – والعالم- من حافة الكارثة والدمار، بعد أربع سنوات من الضعف والتطرف والإخفاقات القاتلة، تحركت إدارتي بسرعة تاريخية وبعجلة قصوى لاستعادة قوة أمريكا في الداخل والخارج."
وبصرف النظر عن صحة هذه العبارة من عدمها، فإنها توضح أن الوثيقة مرتبطة بفترة وجوده رئيساً للولايات المتحدة، وأن الكثير من تفاصيلها في القضايا الخارجية والداخلية قابلة للتغيير مع وجود رئيس آخر ديمقراطي أو حتى جمهوري، وإن كان التوجه الاستراتيجي العام سيظل ثابتاً في الوثيقة الحالية وفي ما سبقها وما سيليها حتى تتغير بنية النظام السياسي الأمريكي.
ثانياً- يضيف ترامب في صدارة الوثيقة: "في كل ما نفعله نضع أمريكا أولاً" وهو الشعار الترامبي المعبر عن رؤية براجماتية لكل القضايا الخارجية والداخلية المتعلقة بالولايات المتحدة تتخلل كل تفاصيل الوثيقة.
ثالثاً- لم تغير الوثيقة في توجهها العام الاستراتيجية الأمريكية المتضمنة في كل تقارير استراتيجية الأمن الوطني الأمريكية السابقة، إذ تؤكد على اعتبار الصين الخطر الأكبر عليها، وإن كانت لم تصفها صراحة بالعدو الاستراتيجي كما ورد في التقارير السابقة على ترامب، وإن كانت قد ركزت على الخطر الصيني الأكبر على الاقتصاد الأمريكي، كما تكشف الوثيقة عن استمرار سياسة أمريكا العدوانية، خاصة في منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية، وتؤكد أيضاًعلى عدم السماح لـ"قوى معادية" حسب نص الوثيقة بالهيمنة على الشرق الأوسط.
تقول الوثيقة: "منذ يومي الأول في المنصب استعادت الولايات المتحدة حدودها السيادية، ونشرنا القوات المسلحة الأمريكية لوقف غزو بلادنا. تخلصنا من الأيديولوجيا الجندرية الراديكالية والجنون المستيقظ داخل قواتنا المسلحة، وبدأنا تعزيز جيشنا باستثمار بلغ تريليون دولار."
وتضيف: دمرنا قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بالكامل، وصنفت الكارتيلات المنخرطة في تجارة المخدرات والعصابات الأجنبية الوحشية التي تنشط في منطقتنا كمنظمات إرهابية."
رابعاً- عبرت الوثيقة عن واقع لا يمكن إنكاره، يتمثل في الاعتراف بأن عصر الهيمنة الأمريكية الأحادية على العالم قد انتهى، وهو ما أشار له الحزب الشيوعي المصري منذ سنوات في العديد من وثائقه وبياناته. وأنه لم يعد بمقدور أمريكا تحمل الاستنزاف في ما أسمته الوثيقة "حروب اللانهاية" أو "تحمل نفقات الدفاع عن حلفائها".
تقول الوثيقة: "أعدنا بناء تحالفاتنا، وجعلنا حلفاءنا يساهمون أكثر في دفاعنا المشترك، بما في ذلك التزام تاريخي من دول الناتو برفع الإنفاق الدفاعي من 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي."
خامساً- إن استراتيجية ترامب الواردة في الوثيقة تعيد ترتيب الأولويات والمناطق التي تتدخل فيها بالقوة العسكرية الولايات المتحدة الأمريكية.
وحسب تعريف الوثيقة للاستراتيجية الأمريكية "ليس كل دولة أو منطقة أو قضية أو هدف – مهما كان جديراً بالاهتمام- يمكن أن يكون في صميم الاستراتيجية الأمريكية."
وتضيف: "بعد نهاية الحرب الباردة أقنع قادة السياسة الخارجية في الولايات المتحدة أنفسهم بأن السيطرة الأمريكية الدائمة على العالم بأكمله تصب في مصلحة البلاد.. لقد أخطأت النخب الأمريكية في حساب مدى استعداد الشعب الأمريكي لتحمل أعباء عالمية إلى أجل غير مسمى بينما لم ير المواطنون أي صلة بين هذه الأعباء وبين مصالحهم الوطنية، كما بالغوا في تقدير قدرة أمريكا على تمويل دولة الرعاية والأنظمة الإدارية والتنظيمية الضخمة في الوقت نفسه الذي تمول فيه مجمعاً عسكرياً دبلوماسياً استخباراتياً تنموياً واسعاً، وقد راهنوا بشكل خاطئ ومدمر على العولمة وما يسمى "التجارة الحرة" الأمر الذي أدى إلى تفريغ الطبقة الوسطى والقاعدة الصناعية التي تقوم عليها الهيمنة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، وسمحوا للحلفاء والشركاء بنقل تكاليف دفاعهم إلى الشعب الأمريكي، وأحياناً بجر الولايات المتحدة إلى صراعات ومنافسات لم تكن في مصلحتها ولا تخدم أمنها ولا يريدها الشعب الأمريكي."
سادساً- ما تريده إدارة ترامب في استراتيجية الأمن الوطني لا يختلف عما ورد في التقارير الأمريكية السابقة عليه وخاصة في ما يتعلق حسب نص الوثيقة بـ:
1- تجنيد وتدريب وتسليح ونشر أقوى جيش في العالم، جيشاً يتمتع بأعلى درجات القوة والفتك والتقدم التكنولوجي.
2- أقوى وأوثق وأكثر حداثة لقوة الردع النووي في العالم، إضافة إلى أنظمة دفاع صاروخي من الجيل القادم، وذلك لحماية الشعب الأمريكي والأصول الأمريكية في الخارج وحلفاء الولايات المتحدة.
** وتطرح استراتيجية الأمن الوطني الأميركية الجديدة سؤالها الرئيسي: ما هي المصالح الجوهرية للولايات المتحدة في سياستها الخارجية؟ وماذا نريد في العالم ومن العالم؟
وتجيب الوثيقة الأمريكية بأنها:
1- حصر الاهتمام الأمريكي في نصف الكرة الغربي...ومطالبة حلفاء أمريكا بزيادة إنفاقهم بشكل كبير على دفاعهم الوطني.
2- إيقاف وعكس الضرر المستمر الذي تلحقه الجهات الأجنبية بالاقتصاد الأمريكي، مع الحفاظ على حرية وانفتاح منطقة الهندي- الهادئ، وصون حرية الملاحة في الممرات البحرية الحيوية، وضمان وجود سلاسل إمداد آمنة وموثوقة وتوفير الوصول إلى المواد الأساسية الاستراتيجية (المواد الحرجة)..
(وتشير هذه الفقرة من الوثيقة إلى المشاكل المتزايدة التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي أمام التقدم المذهل للصين على مستوى الصناعات المدنية والعسكرية والتكتولوجيا المتقدمة وامتلاك المواد الحرجة والمعادن النادرة).
3- منع أي قوة معادية من الهيمنة على الشرق الأوسط، وعلى موارد النفط والغاز فيه، وعلى نقاط الاختناق الحيوية التي تمر عبرها هذه الموارد، وذلك مع تجنب حروب اللانهاية التي استنزفتنا في تلك المنطقة وكلفتنا أثماناً باهظة.
4- إعادة توزيع التواجد العسكري الأمريكي في العالم لمواجهة التهديدات في نصف الكرة الغربي، والابتعاد عن المسارح التي تراجعت أهميتها النسبية خلال العقود أو السنوات الأخيرة للأمن القومي الأمريكي.
5- العمل على إعادة التوازن في العلاقات الاقتصادية مع الصين، بعد التسليم بتفوق الشركات الصينية المدعومة والموجهة من الدولة في بناء البنى التحتية المادية والرقمية وإعادة توظيف فوائضها التجارية وسيطرتها على سلاسل الإمداد في العالم وتوسع صادراتها في الدول منخفضة الدخل وفي الولايات المتحدة نفسها.. والإعلان عن عدم دعم واشنطن لأي تغيير أحادي للوضع القائم في تايوان.
6- التوجّه الأمريكي نحو "إعادة إرساء الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا" والتسليم صراحةً بأنّ حرب أوكرانيا، التي حرّض فيها الغرب كييف للانضمام إلى حلف الناتو، أدّت إلى نتيجة معاكسة.
7- الإعلان عن "إطلاق العنان لقدرة الولايات المتحدة الهائلة على إنتاج الطاقة كأولوية استراتيجية.
8- اتخاذ موقف سلبي صارخ تجاه المنظمات الدولية عبر الإعلان عن "مواجهة تدخلات المنظمات العابرة للحدود، التي تقوّض السيادة".
ويؤكد الحزب الشيوعي المصري:
أولاً- إنّ الانحسار التدريجي للهيمنة الأمريكية أحادية القطب على العالم عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، وما تعانيه أمريكا داخلياً من أزمات في بنيتها الرأسمالية، وما تواجهه خارجياً من تحديات متزايدة من القوى الصاعدة كالصين وروسيا، وتصاعد مقاومة الشعوب وحركات تحررها التي ما زالت صامدة في مواجهة قوى الهيمنة الإمبريالية وتوابعها، أدّت إلى تقويض أسس النظام المالي والتجاري العالمي الذي كانت تهيمن عليه الولايات المتحدة وفتحت الأفق نحو تأسيس نظام عالمي جديد متعدد القطبية.
ثانياً- إنّ هذا التعدد القطبي الوليد لا يعني تحقق نظام أكثر عدلاً بشكل آلي، ما لم تستثمره قوى التحرر الوطني والشعوب في بناء مشاريع سيادية مستقلة، تعيد الاعتبار للتنمية المعتمدة على الذات أساساً، وبالتعاون في إطار خطة تنمية وطنية مع الأقطاب الجديدة على أساس التعاون المتكافئ وعدم فرض شروط أو إملاءات سياسية، وبارتباط تلك الخطة بالسير في طريق العدالة الاجتماعية، الأمر الذي يستلزم توافر إرادة سياسية للتخلص من علاقات التبعية لنظام رأسمالي استغلالي عالمي تقوده أمريكا وفي طريقه للأفول، ووجود قيادات وكفاءات سياسية وطنية مؤمنة بطريق التنمية الوطنية والعدالة الاجتماعية بديلاً لسياسات التبعية والتوحش الرأسمالي.
القاهرة في 17 ديسمبر ٢٠٢٥
........................................... الحزب الشيوعي المصري

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق