جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

دكتاتورية البروليتاريا*التيتي الحبيب*

 الامر غاية في الجدية ولا يحتمل اللغو

من جديد يثار نقاش موضوعة دكتاتورية البروليتاريا لكن هذه المرة من وجهة نظر غريبة بعض الشيء ويهمنا تحليل ذلك، وقبل ان نمضي في التحليل دعونا نطلع على هذه الفكرة كما قدمها احد الرفاق وتلقفها آخرون لأنها تمدهم ببعض السند في موقفهم الرافض لدكتاتورية البروليتاريا. وهذا ماجاء في الفقرة التي تهمنا:
"ذلك، وبعيدا عن كل تفكير دغمائي وعن تقديس النصوص والمصطلحات؛ وانتصارا للاشتراكية وقيمها الانسانية التحررية النبيلة، أرى أنه من الواجب تشذيب وتنظيف الاشتراكية والماركسية من المصطلحات التي لا تحمل قيمها التحررية، كمصطلح الدكتاتورية، والتخلص من التعبير دكتاتورية البروليتاريا، المشوه والمسيء للاشتراكية وللشيوعية؛ مع العلم أن هذا الأمر يتطلب وقتا طويلا وسوف يتهافت خلاله الكثيرون، كعادتهم دوما، إلى وصفنا بالتحريفية وما إلى ذلك من الأوصاف الجاهزة."
لا لن نصفك بالتحريفية بل سنكتفي بالقول ان الطريق الى جهنم مرصوفة بالنوايا الحسنة. وهذه النوايا الحسنة هي ما عبرت عنه برغبتك في تشذيب وتنظيف الاشتراكية والماركسية من المصطلحات...
الخطأ الجسيم الذي ارتكبته يا رفيق هو اعتبارك ديكتاتورية البروليتاريا مصطلح وهو مصطلح مشوه ومسيء للاشتراكية والشيوعية ويكفي ان نطهرها منه حتى "تنتصر الاشتراكية وقيمها الانسانية التحررية النبيلة" القضية ليست مصطلحا والتشبث به ليس تقديس النصوص. واليك الحجة التي تجعل الحد الفاصل بين من ينتمي للمدرسة الماركسية وبين من لا ينتمي لها.
اربعة سنوات على نشر البيان الشيوعي والذي حلل فيه ماركس وانجلس مواقف الحزب الشيوعي ووضعا برنامجه كتب ما يلي:
"أما فيما يتعلق بي الآن،ـ فلا يعود الفضل إلي في اكتشاف وجود الطبقات في المجتمع الحديث، ولا الفضل في اكتشاف الصراع فيما بينها. فقد سبقني بوقت طويل مؤرخون بورجوازيون إلى عرض التطور التاريخي لصراع الطبقات هذا، واقتصاديون بورجوازيون إلى تشريحه اقتصاديا. أما الجديد الذي أتيت به فهو:
1-إقامة البرهان على أن وجود الطبقات لا يرتبط إلا بمراحل تاريخية محددة من تطور الإنتاج؛
2-على أن صراع الطبقات يفضي بالضرورة إلى دكتاتورية البروليتاريا؛
3-على أن هذه الدكتاتورية لا تمثل هي نفسها سوى انتقال نحو إلغاء الطبقات كافة ونحو مجتمع بلا طبقات.
أما الحمقى الجاهلون، من أمثال هيانزن، الذين لا ينفون صراع الطبقات فحسب بل وجود هذه الطبقات بالذات، فإنهم إنما يدللون، بالرغم من كل كلامهم الجارح ومن عوائهم الذي يريد أن يُنزل منزلة الإعلان ذي النزعة الإنسانية، على أنهم يرون في الشروط الاجتماعية التي تصون البورجوازية في ظلها سيطرتها، النتيجة النهائية، الحدود التي لا يمكن تجاوزها للتاريخ. يدللون على أنهم مجرد عملاء للبورجوازية، وهذه عبودية تبعث على المزيد من النفور كلما كان هؤلاء الأغبياء أقل فهما لعظمة هذا النظام البورجوازي نفسه ولضرورته العابرة…".
من رسالة ماركس إلى ويد مايير 5 مارس 1852 / ترجمة الحوار المتمدن. التشديد من عندنا.
هنا يتضح ان ماركس يبرهن على ان صراع الطبقات يفضي بالضرورة ( لاحظوا هنا هذه الكلمة المفصلية بالضرورة) الى دكتاتورية البروليتاريا وعلى انها لا تمثل سوى انتقال نحو الغاء الطبقات بما فيها الطبقة العاملة نفسها ليولد المجتمع بلا طبقات. هذا النص يعتبر خطا فاصلا بين من يتبنى التحليل والبرهنة الماركسية على سير الاحداث وتطورها وبين من يعتبره نصا يمكن التخلص منه لانه ليس نصا مقدسا. فكما في الفلسفة اما ان تكون ماديا او ان تكون مثاليا لان سؤال من الاسبق المادة ام الفكر يحدد موقعك في المجال الفلسفي كذلك الموقف من دكتاتورية البروليتاريا يحدد موقعك من ماركسية ماركس هل انت ماركسي ام شيء آخر.
الحجة الثانية وهي من باب النوايا الحسنة هي الكلام عن التخلي عن ديكتاتورية البرويليتاريا "انتصارا للاشتراكية وقيمها الانسانية التحررية" فهذا الكلام يصدر من منطلقات غريبة عن الماركسية لان القيم الاشتراكية هي قيم واقعية ولها تاريخها وارضيتها المادية. اذا ومن اجل ان تولد هذه القيم وتسود وتهيمن في المجتمع لا بد من ان تنجز الثورة الاشتراكية وتأخذ البروليتاريا السلطة وتفرضها على الاعداء الطبقيين وان تجلب الى صفها الطبقات الاجتماعية الحليفة. هكذا ينتصب امامنا موضوع السلطة البروليتارية انه يشدنا من القرجومة ولا يدعنا نفلت منه حتى نوضح كيف ستكون هذه السلطة. سيكون حتما هناك جواب وهو حسب احتمالين لا ثالث لهما اما جواب ماركس عن طريق دكتاتورية البروليتاريا ام عن طريق النضال الذي مهدت له وسارت الاورو شيوعية منذ بدايات سبعينيات القرن العشرين لما اعلنت جهارا انها تخلت عن دكتاتورية البروليتاريا هذا المفهوم الذي يغضب ويفزع الناخبين والفرقاء الساسيون الاخرون ويمنع على هذه الاحزاب الانتصار في الانتخابات البرلمانية والترابية. بعد 60 سنة من تجربة هذا الاختيار نرى ان احزاب الاورو شيوعية قد تبخرت ولم تحصد غلة تخليها عن دكتاتورية البروليتاريا لانها تخلت عن روحها الماركسية وباتت احزاب الاشتراكية الديمقراطية اللاهتة وراء اصلاح الرأسمالية.
ان القول بضرورة تنظيف وتشذيب الاشتراكية والماركسية من دكتاتورية البروليتاريا هو قول لا علاقة له بالمنظور الطبقي البروليتاري التي تسعى من خلاله البروليتاريا لأخذ السلطة مستعملة الاكراه تجاه البرجوازية السائدة من اجل انتزاع ملكية وسائل الانتاج. كل من يتهرب من هذه الحقيقة فهو يتهرب من مهمة انجاز الثورة بما تعنيه من استعمال العنف تجاه العدو الطبقي، هذه هي رودس فلنقفز هنا ( hic Rhodes hic salta ) هذه هي الحقيقة التي يجب شرحها للعمال وللفلاحين الفقراء والكادحين ويجب تهييئهم لها. اما تنويمهم في عسل القيم الانسانية النبيلة للاشتراكية فهو خداع للنفس وللعمال لان هذه القيم لن تصبح ممكنة التحقق إلا بعد انجاز واجب اخذ السلطة.
التيتي الحبيب
22/04/2021


ملاحظات أراها مهمة ليستقيم النقاش: 1/مفهوم الديكتاتورية في القرن 19 ليس هو مفهوم الديكتاتورية في القرن 20 بعد النازية و الفاشية ، فهي لا تعني الاستبداد بل الهيمنة و السيطرة (dictature n'est pas tyrannie au 19 siecle)2/ أن مفهوم الديكتاتورية الطبقية مختلف نوعيا بين الديكتاتورية البورجوازية و ديكتاتورية البروليتاريا (الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية )، و ان المجتمع بدون ديكتاتورية طبقية هو فقط المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات حسب كارل ماركس 3/ أن مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا هو مفهوم بنائي في الماركسية و اللينينية و ليس مجرد مصطلح عابر و لا يمكن فهمه إلا من خلال نزع الملكية الخاصة لوسائل الانتاج أساسا بالسلطة السياسية (لا يمكن نزعها بحبان الريوس)، و أن التخلي عنه (كما فعلت الأحزاب الأوروشيوعية (الفرنسي و الاسباني منذ السبعينات و الايطالي منذ الثمانينات) يعني التسليم بقدرة الانتخابات البورجوازية على إحداث التغيير الثوري و إيصال الشيوعيين إلى السلطة و الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية ، و هو ما يتبين فشله في واقع الصراع الطبقي في أوروبا و غيرها.4/ في 1976 حين حذف الحزب الشيوعي الفرنسي من أطروحة مؤتمره مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا علق ألتوسير عن ذلك بقوله "لا يمكن أن تترك مفهوما كما تترك كلبك" 5/ لقد عملت الدعاية الرأسمالية على المماثلة بين أنظمة الاشتراكية المطبقة في أوروبا و النازية و الفاشية و استدلت بكلمة "ديكتاتورية" لخلط الاوراق ،6/ أكيد أن في تجربة الاشتراكيات المطبقة كانت هناك أخطاء و كان هناك تحويل للسلطة أحيانا من ديكتاتورية البروليتاريا إلى ديكتاتورية على البروليتاريا ، و هذا لا ينقص من العناصر الايجابية في هذه التجارب التي فتحت العالم على إمكانية ثورية لبناء مشروع مجتمعي مغاير للنظام الرأسمالي كما لا يمنع من انتقاد هذه التجارب شريطة أن يكون ذلك من منطلق المنهج الماركسي و أدواته التحليلية...7/ إن مدارس علوم الاجتماع في كراسي الجامعات في البلدان الرأسمالية عملت على محاولة تجويف الماركسية من جوهرها الحي و عزلها عن اللينينية التجربة الحية لاول سلطة اشتراكية في الكون و لا زالت عبر إدخال ترسانة من الأليات التفكيكية و التشكيكية في مفاهيمها الأساسية التي على الشيوعيين الحذر منها و إلا لن يتبقى لهم غير الاسم ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *