جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

كلمة العدد/ جريدة النهج الديمقراطي العدد 165

 كلمة العدد/ جريدة النهج الديمقراطي العدد 165

بتبوء ادريس لشكر لمنصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي لقوات الشعبية، يكون هدا الحزب قد توج سيرورة طويلة من التحول من حزب للقوات الشعبة يمثل مصالح البرجوازية الصغرى إلى حزب يخدم مصالح المخزن والكتلة الطبقية السائدة.
إن هذا التحول هو، في العمق، تأكيد وتعبير عن عجز البرجوازية الصغرى على قيادة النضال من أجل انجاز مهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي نظرا لطبيعتها المتدبدبة بين التخندق في صف الجماهير الكادحة وأوهام التسلق الاجتماعي من خلال خدمة مصالح الكتلة الطبقية السائدة والمخزن.
وهذا الواقع كان يعبر عن نفسه من خلال تواجد خطان داخل هذا الحزب:
- خط جذري كان يرتبط بالمقاومة وجيش التحرير ويعبر عن مصالح الفئات الدنيا من البرجوازية الصغرى (فلاحون صغار، حرفيون، تجار صغار..)
- خط إصلاحي يعبر عن مصالح الفئات البرجوازية الصغرى المتعلمة (موظفون، رجال تعليم، محامون...)
إن هذين الخطين يشتركان في احتقارهما للجماهير وتركيزهما على العمل النخبوي:
- إما من خلال نظرة أبوية للجماهير والقيام بأعمال فوقية معزولة عنها ونيابة عنها (محاولات إسقاط النظام بواسطة بناء شبكات مسلحة أو القيام بأعمال ذات طابع بلانكي) بالنسبة للخط الأول.
- إما من خلال الاستعلاء على الجماهير، باسم التوفر على المعرفة والحنكة السياسية والركوب على نضالاتها لتحقيق مكاسب فئوية ضيقة بالنسبة للخط الثاني.
لذلك لا غرابة أن يشترك هذين الخطين في السعي الحثيث للهيمنة على المنظمات الجماهيرية، باستعمال أساليب لا ديمقراطية في الغالب. وفي حالة عدم التمكن من ذالك يتم الانسحاب من هذه المنظمات.
كما يشترك الخطان، بسبب عدم ارتكازهما للتحليل الطبقي، في تبني مفاهيم المصلحة العليا للوطن والوحدة الوطنية والقضية الوطنية وغيرها من المفاهيم المجردة من مضمونها الطبقي.
لقد لعب النظام المخزني على هذا التناقض/ التعايش بين الخطين حيث ظل، أمام كل أزمة تصيب أركانه، يلجأ إلى رفع شعارات الوحدة الوطنية والمصحة العليا للوطن والقضية الوطنية للدفع بالحزب نحو الانتظارية والقيام في نفس الوقت بترميم أركانه والاستعداد لمواجهة الخط الجذري بالقمع وجر الخط الإصلاحي من خلال التلميح بإجراء إصلاحات وإغرائه بالصعود إلى الحكومة وكذا استقطاب عناصر قيادية من داخله في مؤسساته.
وقد ساعدت حاجة الدولة والاقتصاد المغربي للأطر، خلال المرحلة الأولى من الاستقلال الشكلي، على الارتقاء الاجتماعي لدعاة الخط الثاني وساعدت على تقوية موقعهم داخل الحزب.
هكذا سيتراجع الخط الجذري تحت ضربات القمع وبسبب أخطائه السياسية الفكرية التي تطرق لبعضها القائد المهدي بن بركة في كتابه "الاختيار الثوري" وكذا من خلال انسحاب العديد من المناضلين الماركسيين لاقتناعهم بعدم امكانية تغيير الخط السياسي للحزب وطرد الاتجاهات المناضلة بعد ان تحكم الاتجاه الاصلاحي المهادن في الحزب: طرد المناضلين الذين سيشكلون فيما بعد حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ثم دفع تيار "الوفاء للديمقراطية" ثم الجناح النقابي (ك د ش) إلى مغادرة الحزب. و بقد رما كان الحزب يلفظ من صفوفه المناضلين المخلصين ويستبدلهم بالانتهازيين وأعيان الانتخابات، بقد رما كان يبتعد عن قاعدته الاجتماعية ويصبح أكثر تبعية للمخزن. فلا غرابة أن يقبل، على غرار أي حزب إداري، ان تزور الانتخابات لصالحه ولا غرابة أن يزكي دستور 1996 الذي يشرع للاستبداد المخزني والحكم الفردي للملك ولا غرابة أن ينخرط، بدون شروط، في التناوب المزعوم الذي لعب فيه دور الكومبارس وقدم خدمة ثمينة للنظام الذي كان يسعى الى تجاوز خطر "السكتة القلبية " وتوفير شروط انتقال سلس للسلطة من ملك إلى آخر.
هكذا شكلت المشاركة في الحكومة بالنسبة للاتحاد الاشتراكي (التناوب المخزني) لحظة تسارعت فيها وتيرة تحوله الى حزب أصبح يقبل بأن يلعب الدور الذي يرسمه له المخزن في اطار تأثيث "المشهد السياسي" (أي ديمقراطية الواجهة).
لذلك أصبح النهج الديمقراطي يؤكد أن الاتحاد الاشتراكي لم تعد تربطه أية صلة باليسار واعتبر أن تحوله من موقع الحكومة إلى المعارضة البرلمانية لا يغير في الأمر شيئا.
إن الصراع الحقيقي، الآن وهنا، هو صراع الطبقات الشعبية، في مقدمتها الطبقة العاملة وعموم الكادحين، ضد الكتلة الطبقية السائدة وممثلها السياسي الفعلي أي النظام المخزني. إنه صراع، في عمقه ومضمونه، صراع طبقي وليس صراعا بين "حداثيين" و"ظلاميين". إن من يطرح أن التناقض اليوم هو بين "حداثيين" و"ظلاميين"، إنما يبرر التحاقه بالمخزن أو يعبر عن خوفه من التغيير الجذري الذي يقول "ماو" أنه ليس "عشاء فاخر" "dîner de gala " ، ويساهم، بقصد أو بدون قصد، في تشتيت قوى الشعب، هذا ناهيك عن كون المخزن لا يتوقف عن استعمال الدين لمصلحته ولا يتردد في التعامل مع "الظلاميين" شريطة أن يقبلوا بهيمنته على السلطة الحقيقية. إن عقيدة المخزن هي في الواقع الميكيافلية.
من هذه المنطلقات، نعتبر، في النهج الديمقراطي، ان أي تحالف أو جبهة مع الاتحاد الاشتراكي مسألة خاطئة ستكون لها انعكاسات سلبية خطيرة على سيرورة نضال شعبنا لأن ذلك سيعني أن هذا التحالف أو هذه الجبهة ستكون مخترقة من طرف المخزن ليس فقط على مستوى التواجد التنظيمي، لكن أيضا على المستوى السياسي والفكري.
كما أن التجربة قد أبانت، بما لا يدع مجالا للشك، استحالة تغيير هذا الحزب من الداخل ليستعيد بريقه ودوره في النضال من أجل التغيير الديمقراطي.
لهذه الاسباب يطرح على كل من كان أو لا يزال، من داخل اليسار، يراهن، بصدق وحسن نية، على الاتحاد الاشتراكي للعب دور في النضال من أجل التغيير الديمقراطي فأحرى ان يكون القاطرة والعمود الفقري للحزب الاشتراكي الكبير أن يستفيق من أحلامه وأن يراجع موقفه قبل فوات الأوان.
كما يجب ان يعي المناضلون المخلصون لنضال الشعب من أجل التحرر والديمقراطية والاشتراكية المتواجدون في هذا الحزب انهم يضيعون وقتهم وطاقتهم جريا وراء سراب تغيير هذا الحزب من الداخل وأن لا مفر من هجره وفضحه وتعرية خطه وممارسته وأجهزته وقيادته، وذلك للمساهمة في تنوير الجماهير التي قد يكون بعضها لازال مشدودا عاطفيا للتاريخ النضالي لهذا الحزب.
وخلاصة القول أن الدرك الأسفل الذي وصله هذا الحزب، إن كان قد دق آخر مسمار في نعش هذا الحزب كحزب مناضل ومعارض حقيقي، فانه في نفس الوقت يساهم في الفرز الضروري بين القوى التي تناضل بصدق من أجل التحرر و الديمقراطية و الاشتراكية و القوى التي ترفع هذه الشعارات للتغطية عن التحاقها النهائي بركب المخزن وتخندقها بجانب الكتلية الطبقية السائدة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *