جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

كلمة العدد : جريدة النهج الديمقراطي العدد 176

 كلمة العدد : جريدة النهج الديمقراطي العدد 176

البرلمانيون المغاربة في قبة مجلسهم وقرؤوا الفاتحة ترحما على الشهيد المهدي بنبركة .....
في صورة من اغرب ما يكون وقف البرلمانيون المغاربة في قبة مجلسهم وقرؤوا الفاتحة ترحما على الشهيد المهدي بنبركة في ذكرى اغتياله الثامنة والأربعين، الأمر الذي استهجنته القوى المناضلة ببلادنا وكذلك أفراد من عائلته الصغيرة.
لقد وقف جزء من جهاز الدولة: معارضة برلمانية، وأغلبية في صف واحد للترحم على روح بنبركة ومن بينهم من يعتبره مجرما وجبت إعادة إعدامه حتى ولو هو ميت، ومنهم من يعتبره متطرفا ومغامرا، ومنهم من تنكر له إلى هذا الحد أو ذاك؛ وبالتأكيد ليس من بينهم من لا يزال يعتبره كان قائدا من قادة هذا البلد، استشهد من أجل وطنه وشعبه وقتل من طرف نظام رجعي استبدادي استطاع إلى حد الساعة الإفلات من المحاسبة عن مثل هذه الجريمة.
حتى ذكرى الشهداء ببلادنا أصبحت محطة التدنيس والمتاجرة والممارسات السياسيوية من طرف من ساهم في اغتيال الشهيد سواء بالمشاركة الجنائية أو التحريض عليها أو التواطؤ من اجل إقبار الملف.
لقد كانت وقفتهم كمن يقتل الميت ويمشي في جنازته. إنها كانت تعبر عن قمة الإذعان لطي صفحة الماضي والتخلص النهائي من المطالبة بالحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء.
فالسادة البرلمانيون ينفذون سياسة الالتفاف على تاريخ شعبنا، والتي توجت بإنشاء "هيأة الإنصاف والمصالحة"، والتي وظفت من اجل إصدار العفو على الجلادين وعلى النظام الدموي الذي اصدر تعليماته للتنكيل بكل صوت من المعارضة والسعي لاجتثاث أية بذرة للمقاومة وروح النضال.
لقد سعى النظام حثيثا إلى غرس فكرة- وهي مجرد خدعة بصر- مفادها أن المغرب قد أسدل الستار على فترة صعبة من حياته سميت بسنوات الرصاص وانتهت مع نهاية سنة 199.
فهل فعلا انقضت سنوات الرصاص مع مغيب شمس سنة 1999؟ وهل زالت معها محنة هدر حقوق الإنسان ببلادنا؟ نعم، أجاب بنزكري ومعه حرزني وتبعهم اليزمي؛ لان حسب زعمهم ما يجري ببلادنا من خرق لحقوق الإنسان لا يرقى إلى درجة الخرق الجسيم لتلك الحقوق.
لا، أيها السادة خدام الأعتاب الجدد، إن الوقائع تكذبكم وهي عنيدة. إن عهدكم الجديد باتت طريقه معبدة بالعشرات من الشهداء لا يقلون في حبهم لوطنهم وشعبهم عن خصال شهداء ما تسمونه بسنوات الرصاص.كما تعرف اليوم مخافر الشرطة والكوميساريات والسجون والمعتقلات السرية( نعم المعتقلات السرية) أفظع جرائم التعذيب الجسدي والنفسي والذي يمارسه نفس زبانية سنوات رصاصكم.
تلك كلها حقائق ومعطيات موضوعية كشفتها تقارير هيئات حقوقية وطنية ودولية، وليس كلاما يصدر عن قوى سياسية مغرضة كما يحلو لأبواق النظام الرجعي أن تنعت به كل من يعارضه معارضة جدية ومنحازة إلى صف الشعب.
نعم، أيها السادة كل ذلك يدل على امتداد سنوات الرصاص من عهد سابق إلى عهد لاحق.وكيف يمكن أن يكون عكس ذلك وقد أردتم طي صفحة الماضي وبقي المجرمون طلقاء ويدهم تطال أرواح المناضلين.تلك كانت نتيجة عدالتكم الانتقالية التي تفلسفتم بها في الصالونات والمقاهي وردهات الفنادق الفخمة في المغرب وخارجه.وتحايلتم ودلستم على طمس ألف باء أية عدالة انتقالية المتمثلة في وجوب تحقيق- كشرط مسبق- قطائع بالضرورة اجتماعية قبل أن تكون سياسية، بعدالتكم البئيسة تلك، كنتم كمن يستخرج الميت من الميت.
بقيت دار لقمان على حالها ولم يمسسها تغيير أو إصلاح.لقد اكتفيتم بما جاد به عليكم النظام من فتات ومن در للرماد في الأعين: كإغلاق معتقلات درب مولاي الشريف و اكدز وتازمامارت وغيرها، لأنها كمواقع انكشفت وانفضح أمرها؛ وكبنايات أصبحت آيلة للسقوط؛ فتخلى عنها وعوضها بأماكن جديدة وغير مكشوفة لحد الساعة.فربح من ذلك أنكم سوقتم وهم انتصار حقوق الإنسان وطي صفحة الماضي الأليم ببلادنا.
وبذلك مكنتم النظام الرجعي من ربح بعضا من الوقت وضمان شيء من السلم الاجتماعي، لكن حبل الكذب قصير، فسرعان ما انكشف زيف الادعاءات حول احترام حقوق الإنسان وباتت لوائح الشهداء والضحايا تملأ تقارير الهيئات الحقوقية وبرامج القوى المناضلة التي جددت العزم على مواصلة نفس الدرب الذي سقطت من اجله تلك الكوكبة من الشهداء على امتداد خريطة المغرب وعلى مدى كل المراحل التاريخية التي عرفها كفاح شعبنا.
ليس هناك من خيار آخر لمعالجة ملف القمع الأسود الذي تعرض له شعبنا ويتعرض له سوى المحاسبة السياسية للنظام باعتباره المسؤول الأول والأخير، فهو المتسبب لهذا الكم الهائل من المعانات لأنه المتحكم في كل مقدرات البلد الاقتصادي والسياسي والديني و غيره. وهو المسؤول على وضع كل تلك المقدرات في يد طبقات طفيلية عميلة للامبريالية والرجعية الخليجية.
إننا بفتح هذا الملف الأسود من تاريخ بلادنا نساهم كقوة مناضلة ومنخرطة في كفاح شعبنا منذ النشأة، لكي ننعش الذاكرة بالحقائق التي لا يطالها التقادم والنسيان، ومن اجل كشف وهم أولئك الذين يتحينون الفرص من اجل تكرار الدعوة لبناء كتلتهم التاريخية ووفاقهم الطبقي مع المخزن وطبقاته السائدة. ذلكم الجهاز المتعفن والذي يؤكد عبر سياساته المتعاقبة وفي كل الميادين بأنه لم يتغير وبان آلته الجهنمية لم يعلوها الصدأ؛ وهي ماضية في حصد العشرات من أرواح الشهداء اليوم كما بالأمس.فواهم من يتوسم من هذا النظام أن يتعقل وينجز قطائعه ويتحول إلى ملكية يزعمون أنها ستكون برلمانية وهو في ملف الشهداء لم يكشف ولو عن حقيقة واحدة من حقائق هذا الملف ولم يعبر حتى ولو لفظيا على نيته انه منخرط في سياسة حتى لا يتكرر ما وقع.
إن ملف الشهداء والخرق السافر لحقوق الإنسان، هو ملف سياسي بامتياز لم تعد تكفي معه الخطب الرنانة في المحافل الوطنية والدولية ،ولم يعد تنفع فيه سياسات در الرماد عبر إسكات الضحايا بتوزيع دريهمات جبر الضرر.إن المتعين تحقيقه هو فتح ملف المساءلة السياسية المفتوحة على المحاسبة، وتحمل المسؤولية، وانجاز القطائع اللازمة، وهي المدخل الحقيقي لجبر الضرر السياسي ومنع تسرب ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق شعبنا إلى حاضره ومستقبله.
فبعد كل هذا ألا يصح لنا أن نعتبر كل من وقف لقراءة الفاتحة على روح الشهيد المهدي بنبركة بأنه ساهم في اغتياله من جديد وأهال المزيد من التراب على قضيته، وأنه ساهم في إطالة عمر الاستبداد وسمح للجلادين بالتسرب إلى صفوف المشيعين لروح الفقيد؟
لقد هزلت معكم المعارضة وأدخلتموها لسوق الفساد السياسي. لن ندعكم تعبثون برموز شعبنا ولن نسمح لكم بالمتاجرة مع قتلتهم، لأنكم بعتم قضيتهم.وحدها القيادة الحازمة لنضال شعبنا قادرة على صدكم وهي تخبركم وستعلمكم بأن من يكرم الشهيد حتما سيتابع ويطور مشواره من اجل وطن مستقل وشعب كريم وحر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *