جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عن العزيز الفقيد المصطفى وزيف مرة أخرى ..الرفيق محمد بولعيش

 عن العزيز الفقيد المصطفى وزيف مرة أخرى ..الرفيق محمد بولعيش

لا يمكن ختم هذه السلسلة دون أن يكون ختامها مسكا مع الرفاق الراحلين الذين أبلوا البلاء الحسن ونذروا حياتهم لغيرهم حتى في أقسى الظروف والمحن .
لا يمكن أن أنهي المشوار المؤقت دون أن يكون الرفيق والحبيب المصطفى وزيف في طرفه الآخر بابتسامته الخالدة وقبعته المميزة ، بهدوئه وقدرته على الإنصات والاستيعاب قبل إبداء الرأي مقتنعا أو مقنعا ، هدوء يتمسك به حتى وداخله يكاد ينفجر غضبا . حين يلتزم يسير في التزامه حتى النهاية ، وحين يعد يفي بوعده مهما تكن الظروف .
أجمل ما كنت أحب سماعه منه برنته المحببة ونبرته العذبة عبارة : "خويا السي محمد" ، عبارة تجسد درجة القرابة الروحية والتقارب الفكري بيننا . تعرفت على الفقيد وتجربة النقابة المستقلة للمهن التعليمية في أوج عنفوانها وانطلاقتها (ربما كان الرفيق شرادو - إن لم تخني الذاكرة - وراء هذا "الاستقطاب الثمين") ، كان إضافة نوعية لتجربتنا ، منذ ذاك الحين لم نكد نتباعد زمنيا إلا في فترات المتابعة الطبية والخضوع لحصص الشيميو بالتناوب بنفس المصحة ، مصحة الساحل ، ولم يكن يتردد في زيارتي بالمصحة وهو يزورها لأخذ حصة أو للمراقبة الطبية .
خضنا معا كذلك تجربة الاشتراكي الموحد ، بما لها وما عليها ، كان مناضلا في فرع الحزب بآنفا وكنا نشتغل معا في اللجنة الجهوية بالدار البيضاء ، وكان رفيقا لنا في تيار "الثورة الهادئة" ، يحضر لقاءاتنا ويقدم الاقتراحات ويدافع بهدوء دائما عن وجهة نظره . حين قدمنا استقالتنا فرادى من الحزب ، لأسباب يعلمها الجميع ، لم يتردد في تقديم استقالته أيضا مع إبقاء العلاقة مع مناضلي الحزب ، وهذا يحسب له . لما فكرنا في مبادرة لتحريك المستنقع اليساري الآسن سميناها "اليسار المتعدد" كان من بين المساهمين الحاضرين المواكبين للمبادرة .
ومع هذا وذاك ورغم حالته الصحية السيئة كنت دائما أجده بجانبي في المسيرات والوقفات والاحتجاجات حتى بعد تخلفي عنها إثر انهيار جهاز مناعتي . نفس الشيء يقال عن اهتماماته الجمعوية (جمعية المغرب المتعدد) والنقابية حيث كان العمود الفقري في عمل جمعية مديرات ومديري مؤسسات التعليم الإبتدائى وداخل الجامعة الوطنية للتعليم ا.م.ش ، لم يتخلف حتى وهو في أعسر ظروفه الصحية عن نضالاتها وأنشطتها ، آخرها مؤتمر الجمعية وكان في الشوط الأخير في صراعه مع المرض .
لحسن حظي حضرت جنازته ورأيت جثمانه (ببيته في مدرسة وادي المخازن التي كان مديرا لها) الجاثي على محمل مدثر بكفن ابيض لا يرى منه إلا الوجه الصافي الشفاف ، لم أستطع كبح جماح دموعي أمام هذا المشهد الجنائزي المهيب ، وكانت جنازته ضخمة تليق بمكانته في قلوب رفاقه وأصدقائه وزملائه وقد أتوا من كل فج عميق ليودعوا رفيقهم الراحل . قبلنا رحيلك قسرا وقهرا رفيقي ، واعتقلناك رغم أنفك في قلوبنا وذاكرتنا أيها الشامخ .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *